البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَلَئِنۡ أَذَقۡنَٰهُ رَحۡمَةٗ مِّنَّا مِنۢ بَعۡدِ ضَرَّآءَ مَسَّتۡهُ لَيَقُولَنَّ هَٰذَا لِي وَمَآ أَظُنُّ ٱلسَّاعَةَ قَآئِمَةٗ وَلَئِن رُّجِعۡتُ إِلَىٰ رَبِّيٓ إِنَّ لِي عِندَهُۥ لَلۡحُسۡنَىٰۚ فَلَنُنَبِّئَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِمَا عَمِلُواْ وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنۡ عَذَابٍ غَلِيظٖ} (50)

{ ولئن آذقناه رحمة منا } : سمي النعمة رحمة ، إذ هي من آثار رحمة الله .

{ من بعد ضراء مسته ليقولن هذا لي } : أي بسعيي واجتهادي ، ولا يراها أنها من الله ، أو هذا لي لا يزول عني .

{ وما أظن الساعة قائمة } : أي ظننا أننا لا نبعث ، وأن ما جاءت به الرسل من ذلك ليس بواقع ، كما قال تعالى حكاية عنهم : { إن نظن إلا ظناً وما نحن بمستيقنين } { ولئن رجعت إلى ربي } : ولئن كان كما أخبرت الرسل ، { إن لي عنده } : أي عند الله ، { للحسنى } : أي الحالة الحسنى من الكرامة والنعمة ، كما أنعم عليّ في الدنيا ، وأكدوا ذلك باليمين وبتقديم لي عنده على اسم إن ، وتدخل لام التأكيد عليه أيضاً ، وبصيغة الحسنى يؤنث الأحسن الذي هو أفعل التفضيل .

ولم يقولوا للحسنة ، أي الحالة الحسنة .

وقال الحسن بن محمد بن علي بن أبي طالب ، رضي الله عنهم : للكافر أمنيتان ، أما في الدنيا فهذه { إن لي عنده للحسنى } ، وأما في الآخرة { يا ليتني كنت تراباً } .

{ فلننبئن الذين كفروا بما عملوا } من الأفعال السيئة ، وذلك كناية عن جزائهم بأعمالهم السيئة .

{ ولنذيقنهم من عذاب غليظ } في مقابلة { إن لي عنده للحسنى } .

وكني بغليظ : العذاب عن شدته .