جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري  
{وَلَئِنۡ أَذَقۡنَٰهُ رَحۡمَةٗ مِّنَّا مِنۢ بَعۡدِ ضَرَّآءَ مَسَّتۡهُ لَيَقُولَنَّ هَٰذَا لِي وَمَآ أَظُنُّ ٱلسَّاعَةَ قَآئِمَةٗ وَلَئِن رُّجِعۡتُ إِلَىٰ رَبِّيٓ إِنَّ لِي عِندَهُۥ لَلۡحُسۡنَىٰۚ فَلَنُنَبِّئَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِمَا عَمِلُواْ وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنۡ عَذَابٍ غَلِيظٖ} (50)

القول في تأويل قوله تعالى :

وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مّنّا مِن بَعْدِ ضَرّآءَ مَسّتْهُ لَيَقُولَنّ هََذَا لِي وَمَآ أَظُنّ السّاعَةَ قَآئِمَةً وَلَئِن رّجّعْتُ إِلَىَ رَبّيَ إِنّ لِي عِندَهُ لَلْحُسْنَىَ فَلَنُنَبّئَنّ الّذِينَ كَفَرُواْ بِمَا عَمِلُواْ وَلَنُذِيقَنّهُمْ مّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ

يقول تعالى ذكره : ولئن نحن كشفنا عن هذا الكافر ما أصابه من سقم في نفسه وضرّ ، وشدّة في معيشته وجهد ، رحمة منا ، فوهبنا له العافية في نفسه بعد السقم ، ورزقناه مالاً ، فوسّعنا عليه في معيشته من بعد الجهد والضرّ لَيَقُولَنّ هَذَا لي عند الله ، لأن الله راضٍ عني برضاه عملي ، وما أنا عليه مقيم ، كما :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحرث ، قال : حدثنا الحسن قال : حدثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد لَيَقُولَنّ هَذَا لي : أي بعملي ، وأنا محقوق بهذا وَما أظُنّ السّاعَةَ قائمَةً يقول : وما أحسب القيامة قائمة يوم تقوم وَلَئِنَ رّجِعْتُ إلى رَبيّ يقول : وإن قامت أيضاً القيامة ، ورددت إلى الله حياً بعد مماتي إنّ لي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى يقول : إن لي عنده غنىً ومالاً . كما :

حدثنا محمد ، قال : حدثنا أحمد ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ ، في قوله : إنّ لي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى يقول : غنى فَلَنُنَبّئَنّ الّذِينَ كَفَرُوا بِما عَمِلُوا يقول تعالى ذكره : فلنخبرنّ هؤلاء الكفار بالله ، المتمنين عليه الأباطيل يوم يرجعون إليه بما عملوا في الدنيا من المعاصي ، واجترحوا من السيئات ، ثم لنجازينّ جميعهم على ذلك جزاءهم وَلَنُذِيقَنّهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ وذلك العذاب الغليظ تخليدهم في نار جهنم ، لا يموتون فيها ولا يحيون .