الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَلَئِنۡ أَذَقۡنَٰهُ رَحۡمَةٗ مِّنَّا مِنۢ بَعۡدِ ضَرَّآءَ مَسَّتۡهُ لَيَقُولَنَّ هَٰذَا لِي وَمَآ أَظُنُّ ٱلسَّاعَةَ قَآئِمَةٗ وَلَئِن رُّجِعۡتُ إِلَىٰ رَبِّيٓ إِنَّ لِي عِندَهُۥ لَلۡحُسۡنَىٰۚ فَلَنُنَبِّئَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِمَا عَمِلُواْ وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنۡ عَذَابٍ غَلِيظٖ} (50)

وقوله تعالى :{ لَيَقُولَنَّ هذا لِي } أي : بعملي وبما سعيت ولا يرى أَنَّ النِّعَمَ إنَّما هي فَضْلٌ من اللَّهِ تعالى ؛ قال ( ص ) : { لَيَقُولَنَّ } قال أبو البقاءِ : هو جَوَابُ الشَّرْطِ ، والفاء محذوفةٌ ، وقيل : هو جوابُ قَسَمٍ محذوفٍ ، قال ( ص ) : قُلْتُ : هذا هو الحَقُّ ، والأَوَّلُ غلَطٌ ؛ لأَنَّ القَسَمَ قد تقدَّم في قوله : { وَلَئِنِ } فالجواب له ، ولأَنَّ حذف الفاء في الجواب لا يجوزُ ، انتهى ، وفي تغليط الصَّفَاقُسِيِّ لأبي البقاء نظر .

وقوله : { وَمَا أَظُنُّ الساعة قَائِمَةً } قولٌ بَيِّنٌ فيه الجَحْدُ والكُفْر ، ثم يقول هذا الكافر : { وَلَئِن رُّجِّعْتُ إلى رَبِّى } : كما تقولُونَ : { إن لي عنده للحسنى } أي : حالاً ترضيني من مال ، وبنين ، وغيرِ ذلك ، قال ( ع ) : والأمانيُّ على اللَّه تعالى ، وتركُ الجِدِّ في الطاعةِ مذمومٌ لكُلِّ أحد ؛ فقد قال عليه السلام : " الكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ وَعَمِلَ لَمَا بَعْدَ المَوْتِ ، وَالْعَاجِزُ مَنِ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا وتمنى عَلَى اللَّهِ " .