معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{الٓرۚ تِلۡكَ ءَايَٰتُ ٱلۡكِتَٰبِ ٱلۡمُبِينِ} (1)

مقدمة السورة:

مكية وآياتها إحدى عشرة ومائة .

{ الر تلك آيات الكتاب المبين } ، أي : البين حلاله وحرامه ، وحدوده وأحكامه . قال قتادة : مبين- والله- بركته وهداه ورشده ، فهذا من بان أي : ظهر . وقال الزجاج : مبين الحق من الباطل والحلال من الحرام ، فهذا من أبان بمعنى أظهر .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{الٓرۚ تِلۡكَ ءَايَٰتُ ٱلۡكِتَٰبِ ٱلۡمُبِينِ} (1)

مقدمة السورة:

تفسير سورة يوسف بن يعقوب عليهما الصلاة والسلام وهي مكية

{ 1 - 3 ْ } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ * إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ * نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ ْ }

يخبر تعالى أن آيات القرآن هي { آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ ْ } أي : البين الواضحة ألفاظه ومعانيه .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{الٓرۚ تِلۡكَ ءَايَٰتُ ٱلۡكِتَٰبِ ٱلۡمُبِينِ} (1)

مقدمة السورة:

تفسير سورة يوسف

[ وهي مكية ]{[1]} روى الثعلبي وغيره ، من طريق سَلام بن سليم - ويقال : سليم - المدائني ، وهو متروك ، عن هارون بن كثير - وقد نصّ على جهالته أبو حاتم - عن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، عن أبي أمامة ، عن أبي بن كعب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " علموا أرقاءكم سورة يوسف ، فإنه أيما مسلم تلاها ، أو علمها أهله ، أو ما{[2]} ملكت يمينه ، هَوَّن الله عليه سكرات الموت ، وأعطاه من القوة ألا يحسد مسلما " {[3]} .

وهذا من هذا الوجه لا يصح ، لضعف إسناده بالكلية . وقد ساقه له{[4]} الحافظ ابن عساكر متابعا من طريق القاسم بن الحكم ، عن هارون بن كثير ، به - ومن طريق شَبَابة ، عن مخلد بن عبد الواحد البصري{[5]} عن علي بن زيد بن جدعان - وعن عطاء بن أبي ميمونة ، عن زر بن حُبَيش ، عن أُبي بن كعب ، عن النبي صلى الله عليه وسلم - فذكر نحوه{[6]} وهو منكر من سائر طرقه .

وروى البيهقي في " الدلائل " أن طائفة من اليهود حين سمعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يتلو هذه السورة أسلموا لموافقتها ما عندهم . وهو من رواية الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس .

أما الكلام على الحروف المقطعة فقد تقدم في أول سورة " البقرة " .

وقوله : { تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ } أي : هذه آيات الكتاب ، وهو القرآن ، { الْمُبِينِ } أي : الواضح الجلي ، الذي يفصح عن الأشياء المبهمة ويفسرها ويبينها{[15016]} .

{ إِنَّا أَنزلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } وذلك لأن لغة العرب أفصح اللغات وأبينها وأوسعها ، وأكثرها تأدية للمعاني التي تقوم بالنفوس ؛ فلهذا أنزلَ أشرف الكتب بأشرف اللغات ، على أشرف الرسل ، بسفارة{[15017]} أشرف الملائكة ، وكان ذلك في أشرف بقاع الأرض ، وابتدئ إنزاله في أشرف شهور السنة وهو رمضان ، فكمل من كل الوجوه ؛ ولهذا قال تعالى : { نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ } بسبب إيحائنا إليك هذا القرآن .

وقد وَرَدَ في سبب نزول هذه الآيات ما رواه ابن جرير :

حدثني نصر بن عبد الرحمن الأوْدِيّ{[15018]} . حدثنا حكام الرازي ، عن أيوب ، عن عمرو - هو ابن قيس الملائي - عن ابن عباس قال : قالوا : يا رسول الله ، لو قصصت علينا ؟ فنزلت : { نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ } {[15019]} .

ورواه من وجه آخر ، عن عمرو بن قيس مرسلا .

وقال أيضا : حدثنا محمد بن سعيد{[15020]} العطار{[15021]} ، حدثنا عمرو بن محمد ، أنبأنا خَلاد الصفار ، عن عمرو بن قيس ، عن عمرو بن مُرَّة{[15022]} ، عن مصعب بن سعد عن سعد قال : أنزل على النبي صلى الله عليه وسلم القرآن ، قال : فتلا عليهم زمانا ، فقالوا : يا رسول الله ، لو قصصتَ علينا . فأنزل الله عز وجل : { الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ } إلى قوله : { لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ }{[15023]} . ثم تلا عليهم زمانا ، فقالوا : يا رسول الله ، لو حدثتنا . فأنزل الله عز وجل : { اللَّهُ نزلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ } الآية [ الزمر : 23 ] ، وذكر الحديث .

ورواه الحاكم من حديث إسحاق بن رَاهَويه ، عن عمرو بن محمد القرَشي العَنْقزي ، به{[15024]} .

وروى ابن جرير بسنده{[15025]} ، عن المسعودي ، عن عَوْن بن عبد الله قال : مَلّ أصحابُ رسول الله صلى الله عليه وسلم مَلّةَ ، فقالوا : يا رسول الله ، حَدثنا . [ فأنزل الله : { اللَّهُ نزلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ } ثم مَلّوا ملة أخرى فقالوا : يا رسول الله ، حدثنا ]{[15026]} فوق الحديث ودون القرآن - يعنون القصص - فأنزل الله : { الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ إِنَّا أَنزلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ } فأرادوا الحديث ، فدلَّهم على أحسن الحديث ، وأرادوا القصص فدلهم على أحسن القصص{[15027]} .

ومما يناسب ذكره عند هذه الآية الكريمة ، المشتملة على مدح القرآن ، وأنه كاف عن كل ما سواه من الكتب ما قال الإمام أحمد :

حدثنا سُرَيْج بن النعمان ، أخبرنا هُشَيْم ، أنبأنا مجالد ، عن الشعبي ، عن جابر بن عبد الله ؛ أن عمر بن الخطاب أتى النبي صلى الله عليه وسلم بكتاب أصابه من بعض أهل الكتاب ، فقرأه على النبي صلى الله عليه وسلم فغضب وقال : " أمُتَهوكون فيها يا ابن الخطاب ؟ والذي نفسي بيده ، لقد جئتكم بها بيضاء نقية ، لا تسألوهم عن شيء فيخبروكم بحق فتكذّبونه ، أو بباطل فتصدقونه ، والذي نفسي بيده ، لو أن موسى كان حيا ، لما{[15028]} وسعه إلا أن يتبعني " {[15029]}

وقال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا سفيان ، عن جابر ، عن الشعبي ، عن عبد الله بن ثابت قال : جاء عمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، إني مررت بأخ لي من قريظة ، فكتب لي جوامع من التوراة ، ألا أعرضها عليك ؟ قال : فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال عبد الله بن ثابت : فقلت له : ألا ترى ما بوجه{[15030]} رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال عمر : رضينا بالله ربا ، وبالإسلام دينا ، وبمحمد رسولا . قال : فسُرِّي عن النبي{[15031]} صلى الله عليه وسلم وقال : " والذي نفس محمد بيده ، لو أصبح فيكم موسى ثم اتبعتموه وتركتموني لضللتم ، إنكم حَظِّي من الأمم ، وأنا حظكم من النبيين " {[15032]} .

وقال الحافظ أبو يعلى الموصلي : حدثنا عبد الغفار بن عبد الله بن الزبير ، حدثنا علي بن مُسْهِر ، عن عبد الرحمن بن إسحاق ، عن خليفة بن قيس ، عن خالد بن عُرْفَطة قال : كنت جالسا عند عمر ، إذ أتي برجل من عبد القيس مسكنه بالسوس ، فقال له عمر : أنت فلان بن فلان العبدي ؟ قال : نعم . قال : وأنت النازل بالسوس ، قال : نعم . فضربه بقناة معه ، قال : فقال الرجل : ما لي يا أمير المؤمنين ؟ فقال له عمر : اجلس . فجلس ، فقرأ عليه : { بِسْمِ اللَّه الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ إِنَّا أَنزلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ [ أَحْسَنَ الْقَصَصِ ] } {[15033]} إلى قوله : { لَمِنَ الْغَافِلِينَ } فقرأها{[15034]} ثلاثا ، وضربه ثلاثا ، فقال له الرجل : ما لي يا أمير المؤمنين ؟ فقال : أنت الذي نسخت كتاب دانيال ! قال : مرني بأمرك أتبعه . قال : انطلق فامحه بالحميم والصوف الأبيض ، ثم لا تقْرأه{[15035]} ولا تُقرئه أحدا من الناس ، فلئن بلغني عنك أنك قرأته أو أقرأته أحدا من الناس لأنهكنّك عقوبة ، ثم قال له : اجلس ، فجلس بين يديه ، فقال : انطلقت أنا فانتسخت كتابا من أهل الكتاب ، ثم جئت به في أديم ، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما هذا في يدك يا عمر ؟ " . قال : قلت : يا رسول الله ، كتاب نسخته لنزداد{[15036]} به علما إلى علمنا . فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى احمرّت وجنتاه ، ثم نودي بالصلاة جامعة ، فقالت الأنصار : أغضب نبيكم صلى الله عليه وسلم ؟ السلاح السلاح . فجاءوا حتى أحدقوا بمنبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : " يا أيها الناس ، إني قد أوتيت جوامع الكلم وخواتيمه ، واختُصِر لي اختصارا ، ولقد أتيتكم بها بيضاء نقية فلا تَتهوَّكوا ، ولا يغرنكم المتهوِّكون " . قال عمر : فقمت فقلت : رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا ، وبك رسولا . ثم نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم{[15037]} .

وقد رواه ابن أبي حاتم في تفسيره مختصرا ، من حديث عبد الرحمن بن إسحاق ، به . وهذا حديث غريب من هذا الوجه . وعبد الرحمن بن إسحاق هو أبو شَيبَة{[15038]} الواسطي ، وقد ضعفوه وشيخه . قال البخاري : لا يصح حديثه .

قلت : وقد روي له شاهد من وجه آخر ، فقال الحافظ أبو بكر أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي : أخبرني الحسن بن سفيان ، حدثنا يعقوب بن سفيان ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن العلاء الزبيدي ، حدثني عمرو بن الحارث ، حدثنا عبد الله بن سالم الأشعري ، عن الزبيدي ، حدثنا سليم بن عامر : أن جُبَير بن نُفَير حَدّثهم : أن رجلين كانا بحمص في خلافة عمر ، رضي الله عنه ، فأرسل إليهما فيمن أرسل من أهل حمص ، وكانا قد اكتتبا من اليهود صلاصفة{[15039]} فأخذاها معهما يستفتيان فيها أمير المؤمنين ويقولون : إن رضيها لنا أمير المؤمنين ازددنا فيها رغبة . وإن نهانا عنها رفضناها ، فلما قدما عليه قالا إنا بأرض أهل الكتابين ، وإنا نسمع منهم كلاما تقشعر منه جلودنا ، أفنأخذ منه أو نترك ؟ فقال : لعلكما كتبتما منه شيئا . قالا{[15040]} لا . قال : سأحدثكما ، انطلقت في حياة رسول الله{[15041]} صلى الله عليه وسلم حتى أتيت خيبر ، فوجدت يهوديا يقول قولا أعجبني ، فقلت : هل أنت مكتبي ما تقول ؟ قال : نعم . فأتيت بأديم ، فأخذ يملي علي ، حتى كتبت في الأكرُع . فلما رجعت قلت : يا نبي الله ، وأخبرته ، قال : " ائتني به " . فانطلقت أرغب عن المشي رجاء أن أكون أتيت{[15042]} رسول الله ببعض ما يحب ، فلما أتيت به قال : " اجلس اقرأ عليّ " . فقرأت ساعة ، ثم نظرت إلى وجهه فإذا هو يتلوّن ، فتحيرت من الفَرق ، فما استطعت أجيز{[15043]} منه حرفا ، فلما رأى الذي بي دَفَعه{[15044]} ثم جعل يتبعه رسما رسما فيمحوه بريقه ، وهو يقول : " لا تتبعوا هؤلاء ، فإنهم قد هَوكوا وتَهَوَّكوا " ، حتى محا آخره حرفًا حرفا . قال عمر ، رضي الله عنه : فلو علمت أنكما كتبتما منه شيئًا جعلتكما نكالا لهذه الأمة ! قالا والله ما نكتب منه شيئًا أبدا . فخرجا بصلاصفتهما{[15045]} فحفرا لها{[15046]} فلم يألُوا أن يعمِّقَا ، ودفناها فكان آخر العهد منها{[15047]} .

وكذا روى الثوري ، عن جابر بن يزيد الجُعْفي ، عن الشعبي ، عن عبد الله بن ثابت الأنصاري ، عن عمر بن الخطاب ، بنحوه{[15048]} وروى أبو داود في المراسيل ، من حديث أبي قِلابة ، عن عمر نحوه{[15049]} . والله أعلم .


[1]:زيادة من أ.
[2]:ورواه ابن مردويه وأبو الشيخ كما في الدر (3/270).
[3]:في د: "وأديت".
[4]:في د: "إنهم قالوا".
[5]:في د: "تكفروهما".
[6]:تفسير الطبري (11/228).
[15016]:- في ت : "وتفسيرها وتبينها".
[15017]:- في ت : "كسفارة".
[15018]:- في ت : "الأوذي".
[15019]:- تفسير الطبري (15/552).
[15020]:- في أ : "سعد".
[15021]:- في ت ، أ : "القطان".
[15022]:- في ت ، أ : "قرة".
[15023]:- في ت : "(لعلكم تعقلون) الآية".
[15024]:- تفسير الطبري (15/553) والمستدرك (2/345) وقال : "حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه" ووافقه الذهبي ، وحسنه الحافظ ابن حجر في المطالب العالية برقم (3652).
[15025]:- في ت : "بسند".
[15026]:- زيادة من ت ، أ ، والطبري.
[15027]:- تفسير الطبري (15/552).
[15028]:- في ت : "ما".
[15029]:- المسند (3/378).
[15030]:- في ت : "ما توجه".
[15031]:- في أ : "رسول الله".
[15032]:- المسند (3/365).
[15033]:- زيادة من ت.
[15034]:- في ت ، أ : "فقرأها عليه".
[15035]:- في ت : "لا يقرأه".
[15036]:- في ت : "ليزداد".
[15037]:- لم أعثر عليه في المطبوع من مسند أبي يعلى ، وأورده الهيثمي في المجمع (1/182) وقال : "رواه أبو يعلى ، وفيه عبد الرحمن بن إسحاق الواسطي ، ضعفه أحمد وجماعة". ورواه المقدسي في المختارة برقم (115) من طريق أبي يعلى وقال : "عبد الرحمن بن إسحاق أخرج له مسلم وابن حبان". يقصد عبد الرحمن بن إسحاق المدني وهو أثبت من الواسطي وفترتهما متقاربة ، لكن المزني ذكر علي بن مسهر من الرواة عن الواسطي الضعيف ، وقد رجح المؤلف هنا أنه الواسطي. وكذا في مسند عمر بن الخطاب (2/591) وقال : "وزعم الحافظ الضياء المقدسي في كتابه "المختارة" أنه الذي روى له مسلم كما (أظن صوابه كذا) قال : وأما شيخه خليفة بن قيس فقال فيه أبو حاتم الرازي : شيخ ليس بالمعروف. وقال البخاري : لم يصح حديثه".
[15038]:- في ت : "ابن شيبة".
[15039]:- في هـ : "ملاصق" بدون نقط ، والمثبت من ت ، أ.
[15040]:- في ت ، أ : "فقالا".
[15041]:- في ت : "النبي".
[15042]:- في ت : "جئت".
[15043]:- في ت : "أحبر".
[15044]:- في ت : "دفعته".
[15045]:- في هـ ، ت : "بصفيهما" والمثبت من أ.
[15046]:- في ت : "فحفراها".
[15047]:- ورواه أبو نعيم في الحلية (5/136) عن الطبراني ، عن عمرو بن إسحاق بن إبراهيم بن العلاء الحمصي ، عن أبيه ، عن عمرو بن الحارث به.
[15048]:- سبق تخريجه في المسند.
[15049]:- المراسيل برقم (455).
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{الٓرۚ تِلۡكَ ءَايَٰتُ ٱلۡكِتَٰبِ ٱلۡمُبِينِ} (1)

مقدمة السورة:

القول في تفسير السورة التي يذكر فيها يوسف :

بسم الله الرحمَن الرحيم

{ الَر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ } .

قال أبو جعفر محمد بن جرير : قد ذكرنا اختلاف أهل التأويل في تأويل قوله : { الر تِلْكَ آياتُ الكِتابِ المُبِينِ } ، والقول الذي نختاره في تأويل ذلك فيما مضى بما أغنى عن إعادته ههنا .

وأما قوله : { تِلْكَ آياتُ الكِتابِ المُبِينِ } ، فإن أهل التأويل اختلفوا في تأويله ، فقال بعضهم : معناه : تلك آيات الكتاب المبين : بين حلاله وحرامه ، ورشده وهداه . ذكر من قال ذلك :

حدثني سعيد بن عمرو السكوني ، قال : حدثنا الوليد بن سلمة الفلسطيني ، قال : أخبرني عبد الوهاب بن مجاهد ، عن أبيه ، في قول الله تعالى : { الر تِلْكَ آياتُ الكِتابِ المُبِينِ } ، قال : بين حلاله وحرامه .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { الر تِلْكَ آياتُ الكِتابِ المُبِينِ } ، أي : والله لمبين تركيبه هداه ورشده .

حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، في قوله : { الر تِلْكَ آياتُ الكِتابِ المُبِينِ } ، قال : بين الله رشده وهداه .

وقال آخرون في ذلك بما :

حدثني سعيد بن عمرو السكوني ، قال : حدثنا الوليد بن سلمة ، قال : حدثنا ثور بن يزيد ، عن خالد بن معدان ، عن معاذ ، أنه قال في قول الله عزّ وجلّ : { الكِتابِ المُبِينِ } ، قال بين الحروف التي سقطت عن ألسن الأعاجم ؛ وهي : ستة أحرف .

والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال : معناه : هذه آيات الكتاب المبين ، لمن تلاه وتدبر ما فيه من حلاله وحرامه ونهيه وسائر ما حواه من صنوف معانيه ، لأن الله جلّ ثناؤه أخبر أنه مبين ، ولم يخصّ إبانته عن بعض ما فيه دون جميعه ، فذلك على جميعه ، إذ كان جميعه مبينا عما فيه .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{الٓرۚ تِلۡكَ ءَايَٰتُ ٱلۡكِتَٰبِ ٱلۡمُبِينِ} (1)

مقدمة السورة:

الاسم الوحيد لهذه السورة اسم سورة يوسف ، فقد ذكر ابن حجر في كتاب الإصابة في ترجمة رافع بن مالك الزرقي عن ابن إسحاق أن أبا رافع بن مالك أول من قدم المدينة بسورة يوسف ، يعني بعد أن بايع النبي صلى الله عليه وسلم يوم العقبة .

ووجه تسميتها ظاهر لأنها قصت قصة يوسف عليه السلام كلها ، ولم تذكر قصته في غيرها . ولم يذكر اسمه في غيرها إلا في سورة الأنعام وغافر .

وفي هذا الاسم تميز لها من بين السور المفتتحة بحروف ألر ، كما ذكرناه في سورة يونس .

وهي مكية على القول الذي لا ينبغي الالتفات إلى غيره . وقد قيل : إن الآيات الثلاث من أولها مدنية . قال في الإتقان : وهو واه لا يلتفت إليه .

نزلت بعد سورة هود ، وقبل سورة الحجر .

وهي السورة الثالثة والخمسون في ترتيب نزول السور على قول الجمهور .

ولم تذكر قصة نبي في القرآن بمثل ما ذكرت قصة يوسف عليه السلام هذه السورة من الإطناب .

وعدد آيها مائة وإحدى عشرة آية باتفاق أصحاب العدد في الأمصار .

من مقاصد هذه السورة

روى الواحدي والطبري يزيد أحدهما على الآخر عن سعد بن أبي وقاص أنه قال : أنزل القرآن فتلاه رسول الله صلى الله عليه وسلم على أصحابه زمانا ، فقالوا أي المسلمون بمكة : يا رسول الله لو قصصت علينا ، فأنزل الله { ألر تلك آيات الكتاب المبين إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون } الآيات الثلاث .

فأهم أغراضها : بيان قصة يوسف عليه السلام مع إخوته ، وما لقيه في حياته ، وما في ذلك من العبر من نواح مختلفة .

وفيها إثبات أن بعض المرائي قد يكون إنباء بأمر مغيب ، وذلك من أصول النبوءات وهو من أصول الحكمة المشرقية كما سيأتي عند قوله تعالى { إذ قال يوسف لأبيه يا أبت إني رأيت أحد عشر كوكبا } الآيات .

وأن تعبير الرؤيا علم يهبه الله لمن يشاء من صالحي عباده .

وتحاسد القرابة بينهم .

ولطف الله بمن يصطفيه من عباده .

والعبرة بحسن العواقب ، والوفاء ، والأمانة ، والصدق ، والتوبة .

وسكنى إسرائيل وبنيه بأرض مصر .

وتسلية النبي صلى الله عليه وسلم بما لقيه يعقوب ويوسف عليهما السلام من آلهم من الأذى . وقد لقي النبي صلى الله عليه وسلم من آله أشد ما لقيه من بعداء كفار قومه ، مثل عمه أبي لهب ، والنضر بن الحارث ، وأبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب ، وإن كان هذا قد أسلم بعد وحسن إسلامه ، فإن وقع أذى الأقارب في النفوس أشد من وقع أذى البعداء ، كما قال طرفة :

وظلم ذوي القربى أشد مضـاضة *** على المرء من وقع الحسام المهند

قال تعالى { لقد كان في يوسف وإخوته آيات للسائلين } .

وفيها العبرة بصبر الأنبياء مثل يعقوب ويوسف عليهم السلام على البلوى . وكيف تكون لهم العاقبة .

وفيها العبرة بهجرة قوم النبي صلى الله عليه وسلم إلى البلد الذي حل به كما فعل يعقوب عليه السلام وآله ، وذلك إيماء إلى أن قريشا ينتقلون إلى المدينة مهاجرين تبعا لهجرة النبي صلى الله عليه وسلم .

وفيها من عبر تاريخ الأمم والحضارة القديمة وقوانينها ونظام حكوماتها وعقوباتها وتجارتها . واسترقاق الصبي اللقيط . واسترقاق السارق ، وأحوال المساجين . ومراقبة المكاييل .

وإن في هذه السورة أسلوبا خاصا من أساليب إعجاز القرآن وهو الإعجاز في أسلوب القصص الذي كان خاصة أهل مكة يعجبون مما يتلقونه منه من بين أقاصيص العجم والروم ، فقد كان النضر بن الحارث وغيره يفتنون قريشا بأن ما يقوله القرآن في شأن الأمم هو أساطير الأولين اكتتبها محمد صلى الله عليه وسلم .

وكان النضر يتردد على الحيرة فتعلم أحاديث رستم و اسفنديار من أبطال فارس ، فكان يحدث قريشا بذلك ويقول لهم : أنا والله أحسن حديثا من محمد فهلم أحدثكم أحسن من حديثه ، ثم يحدثهم بأخبار الفرس ، فكان ما بعضها من التطويل على عادة أهل الأخبار من الفرس يموه به عليهم بأنه أشبع للسامع ، فجاءت هذه السورة على أسلوب استيعاب القصة تحديا لهم بالمعارضة .

على أنها مع ذلك قد طوت كثيرا من القصة من كل ما ليس له كبير أثر في العبرة . ولذلك ترى في خلال السورة { وكذلك مكنا ليوسف في الأرض } مرتين { كذلك كدنا ليوسف } فتلك عبر من أجزاء القصة .

وما تخلل ذلك من الحكمة في أقوال الصالحين كقوله { عليه توكلت وعليه فليتوكل المتوكلون } ، وقوله { إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين } .

{ الر } .

تقدم الكلام على نظاير { الر } ونحوها في أوّل سورة البقرة .

{ تلك ءايات الكتاب المبين }

الكلام على { تلك آيات الكتاب } مضى في سورة يونس . ووُصف الكتاب هنا ب { المبين } ووصف به في طالعة سورة يونس ب { الحكيم } لأنّ ذكر وصف إبانته هنا أنسب ، إذ كانت القصّة التي تضمّنتها هذه السّورة مفصّلة مبيّنة لأهمّ مَا جرى في مدة يوسف عليه السّلام بمصر . فقصّة يوسف عليه السّلام لم تكن معروفة للعرب قبل نزول القرآن إجمالاً ولا تفصيلاً ، بخلاف قصص الأنبياء : هود ، وصالح ، وإبراهيم ، ولوط ، وشعيب عليهم السّلام أجمعين ، إذ كانت معروفة لديهم إجمالاً ، فلذلك كان القرآن مبيّناً إيّاها ومفصّلاً .

ونزولها قبل اختلاط النبي صلى الله عليه وسلم باليهود في المدينة معجزة عظيمة من إعلام الله تعالى إيّاه بعلوم الأوّلين ، وبذلك ساوى الصحابةُ علماءَ بني إسرائيل في علم تاريخ الأديان والأنبياء وذلك من أهم ما يعلمه المشرعون .

فالمبين : اسم فاعل من أبان المتعدي . والمراد : الإبانة التامّة باللفظ والمعنى .