سورة يوسف مكية ، آياتها مائة وإحدى عشرة ، ذكر الله تعالى فيها قصة يوسف في ثمان وتسعين آية ، وقدّم لها بثلاث آيات ذكر فيها هذا الوحي الذي أنزله على محمد صلى الله عليه وسلم ، فسمّاه في الآية الأولى كتابا مبينا ، وفي الثانية قرآنا عربيا ، إشارة إلى أن من حقه أن يحفظ في السطور والصدور معا ، ثم ذكر في الآية الثالثة ما اشتمل عليه من أحسن القصص ، وذكّر النبي بأنه لم يكن يعلمه قبل أن ينزل الوحي به عليه ، وذلك دليل على أنه من عند الله .
وقد ختمت القصة والسورة بتأكيد ما بدئت به ، فوجّه الله نظر نبيه في عشر آيات إلى أن هذه القصة من أنباء الغيب ، لم يكن الرسول يعلم حقائقها ودقائقها قبل أن ينزل عليه الوحي بها ، ولم يكن عند إخوة يوسف حين أجمعوا أمرهم ودبروا لأخيهم . ثم أخبره بأن العناد والحسد بحمل أكثر الناس على الكفر ، وأن حرصه عليه الصلاة والسلام على إيمان أكثرهم لا يجديه ، وعزّاه عن ذلك بأنه لا يطلب أجرا ، وإنما يحمل إليهم القرآن هدى وذكرى للناس أجمعين . وقد أشار في ختام السورة إلى الرسل الذين ذكر له قصصهم ومواقف أقوامهم منهم ، وأكد أن في قصص هؤلاء الأنبياء عبرا لأصحاب العقول ، وإن هذا القرآن الذي تحدث بهذه القصص وغيرها ما كان حديثا يختلق وينسب إلى الله كذبا ، بل هو الكتاب المصدق لما بين يديه من الكتب السماوية الصحيحة ، والهدى والرحمة لقوم يفكرون ويعتبرون .
وأظهر خصائص هذه السورة أنها ذكرت قصة يوسف بتمامها ، وأظهرت بروز الحسد في الأسرة إذا ظهرت المحبة من الوالد ، فقد حمل حسد أولاد يعقوب لأخيهم يوسف على إلقائه في قعر البئر ، لكن الله حفظه من مكرهم ، كما حفظه فيما بعد من إغراء امرأة العزيز ، ومكّن له في أرض مصر وجعله ملاذا لإخوته الذين ائتمروا به . وكذلك شأنه سبحانه مع أنبيائه وأوليائه ، ينصرهم على أعدائهم ، ويمكن لهم في الأرض .
وقد نزلت هذه السورة بعد سورة هود في تلك الفترة الحرجة بين عام الحزن ، وبين بيعة العقبة الأولى ثم الثانية اللتين جعل الله تعالى فيهما للرسول الكريم وللمؤمنين فرجا ومخرجا بالهجرة إلى المدينة .
والمناسبة بينها وبين سورة هود أن الأولى متممة لما في الأخيرة من قصص الرسل ، والاستدلال بذلك على كون القرآن وحيا من عند الله نزل على خاتم النبيين . والفرق بين القصص في " يوسف " وفيما قبلها ، أن السابق كان قصص الرسل مع أقوامهم في تبليغ الدعوة والمحاجة فيها وعاقبة من آمن منهم ومن كذبوهم لإنذار مشركي مكة ومن تبعهم من العرب .
أما هذه السورة فهي قصة نبيّ تربّى في قوم غير قومه حتى بلغ أشده واكتهل ، فجاءته النبوة وأرسل ودعا إلى دينه . ثم تولى إدارة الملك بقطر عظيم فأحسن الإدارة والسياسة فيه ، وكان خير قدوة للناس في رسالته وفي جميع أعماله وتصرفاته . ومن أعظم ذلك شأنه مع أبيه وإخوته ، وكان من حكمة الله أن يجمعها في سورة واحدة ، ومن ثم كانت " يوسف " أطول قصة في القرآن الكريم . ويوسف هو ابن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام .
وكان واحدا من اثني عشر ابنا ليعقوب ، جميل الصورة ، يضرب المثل به في الحسن .
وكان والده يحبه حبا عظيما ويؤثره على جميع أولاده . فحقد إخوته عليه . وقد ورد اسم يوسف في 26 آية من الكتاب الكريم ، منها 24 في سورة يوسف ، وآية في الأنعام وأخرى في سورة غافر .
وسبب نزول هذه السورة أن لقي بعض كفار مكة جماعة من اليهود ، فتباحثوا في ذكر محمد صلى الله عليه وسلم ، فقال لهم اليهود : سلوه لم انتقل آل يعقوب من الشام إلى مصر ؟ وعن قصة يوسف . فنزلت السورة .
ويوسف هو الابن الحادي عشر ليعقوب ، وأمه راحيل ، وعندما ألقاه إخوته في البئر التقطه بعض أصحاب القوافل ، وباعوه رقيقا لكبير الشرطة في مصر ، ثم آل إلى الحاكم .
وكانت العاصمة مدينة " صان " المعروفة بصان الحجر ، وسماها اليونان " تأنيس " وهي " تنيس " في الشرقية قرب بحيرة المنزلة . وكان غلاما صغيرا ، فلما كبر حاولت امرأة الحاكم إغراءه ، فأبى ، وسجن حتى فسّر الرؤيا ، فقربه الحاكم واحتل مكانة عظيمة عنده ، وكان ذلك في عهد الهكسوس ، وهم قوم ساميّون ، حكموا نحو قرن ونصف من القرن الثامن عشر إلى القرن السادس عشر قبل الميلاد . وكان حكمهم ما بين الأسرة الرابعةعشرة إلى الثامنة عشرة من الفراعنة التي منها الملك " أحمِس " ، وهو الذي طردهم من مصر .
ألف . لام . را . سبقت الإشارة إلى تلك الحروف وأمثالها في القرآن الكريم .
المبين : الواضح المرشد إلى مصالح الدنيا وسبيل الوصول إلى سعادة الآخرة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.