البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{الٓرۚ تِلۡكَ ءَايَٰتُ ٱلۡكِتَٰبِ ٱلۡمُبِينِ} (1)

مقدمة السورة:

سورة يوسف

هذه السورة مكية كلها .

وقال ابن عباس وقتادة : إلا ثلاث آيات من أولها .

وسبب نزولها أن كفار مكة أمرتهم اليهود أن يسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن السبب الذي أحل بني إسرائيل بمصر فنزلت .

وقيل : سببه تسلية الرسول صلى الله عليه وسلم عما كان يفعل به قومه بما فعل إخوة يوسف به .

وقيل : سألت اليهود رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحدثهم أمر يعقوب وولده ، وشأن يوسف .

وقال سعد بن أبي وقاص : أنزل القرآن فتلاه عليهم زماناً فقالوا : يا رسول الله لو قصصت علينا ، فنزلت .

ووجه مناسبتها لما قبلها وارتباطها أن في آخر السورة التي قبلها : { وكلاً نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك } وكان في تلك الأنباء المقصوصة فيها ما لاقى الأنبياء من قومهم ، فاتبع ذلك بقصة يوسف ، وما لاقاه من أخوته ، وما آلت إليه حاله من حسن العاقبة ، ليحصل للرسول صلى الله عليه وسلم التسلية الجامعة لما يلاقيه من أذى البعيد والقريب .

وجاءت هذه القصة مطولة مستوفاة ، فلذلك لم يتكرر في القرآن إلا ما أخبر به مؤمن آل فرعون في سورة غافر .

والإشارة بتلك آيات إلى الر وسائر حروف المعجم التي تركبت منها آيات القرآن ، أو إلى التوراة والإنجيل ، أو الآيات التي ذكرت في سورة هود ، أو إلى آيات السورة .

والكتاب المبين السورة أي : تلك الآيات التي أنزلت إليك في هذه السورة أقوال .

والظاهر أنّ المراد بالكتاب القرآن .

والمبين إما البين في نفسه الظاهر أمره في إعجاز العرب وتبكيتهم ، وإما المبين الحلال والحرام والحدود والأحكام وما يحتاج إليه من أمر الدين ، قاله : ابن عباس ومجاهد ، أو المبين الهدى والرشد والبركة قاله قتادة ، أو المبين ما سألت عنه اليهود ، أو ما أمرت أن يسأل من حال انتقال يعقوب من الشام إلى مصر وعن قصة يوسف ، أو المبين من جهة بيان اللسان العربي وجودته ، إذ فيه ستة أحرف لم تجمع في لسان ، روي هذا عن معاذ بن جبل .

قال المفسرون : وهي الطاء ، والظاء ، والضاد ، والصاد ، والعين ، والخاء انتهى .