الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{الٓرۚ تِلۡكَ ءَايَٰتُ ٱلۡكِتَٰبِ ٱلۡمُبِينِ} (1)

مقدمة السورة:

سورة يوسف عليه السلام وهي مكية كلها . وقال ابن عباس وقتادة : إلا أربع آيات منها . وروي أن اليهود سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قصة يوسف فنزلت السورة ، وسيأتي . وقال سعد بن أبي وقاص : أنزل القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم فتلاه عليهم زمانا فقالوا : لو قصصت علينا ، فنزل : " نحن نقص عليك " [ يوسف : 3 ] فتلاه عليهم زمانا فقالوا : لو حدثتنا ، فأنزل : " الله نزل أحسن الحديث{[1]} " [ الزمر : 23 ] . قال العلماء : وذكر الله أقاصيص الأنبياء في القرآن وكررها بمعنى واحد في وجوه مختلفة ، بألفاظ متباينة على درجات البلاغة ، وقد ذكر قصة يوسف ولم يكررها ، فلم يقدر مخالف على معارضة ما تكرر ، ولا على معارضة غير المتكرر ، والإعجاز لمن تأمل .

قوله تعالى : " الر " تقدم القول{[8926]} فيه ، والتقدير هنا : تلك آيات الكتاب ، على الابتداء والخبر . وقيل : " الر " اسم السورة ، أي هذه السورة المسماة " الر " " تلك آيات الكتاب المبين " يعني بالكتاب المبين{[8927]} القرآن المبين ، أي المبين حلاله وحرامه ، وحدوده وأحكامه وهداه وبركته . وقيل : أي هذه تلك الآيات التي كنتم توعدون بها في التوراة .


[1]:لعله عمرو بن مرة المذكور في سند الحديث (انظر ابن ماجه ج 1 ص 139 وسنن أبي داود ج 1 ص 77 طبع مصر).
[8926]:راجع ج 1 ص 154 فما بعد.
[8927]:من ع.