محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{الٓرۚ تِلۡكَ ءَايَٰتُ ٱلۡكِتَٰبِ ٱلۡمُبِينِ} (1)

مقدمة السورة:

بسم الله الرحمن الرحيم

12- سورة يوسف

سميت به ، لأنه معظم قصته مذكورة فيها ، ومعظم ما فيها قصته .

قال الشهاب : لما ختمت السورة التي قبلها بقوله{[1]} : { وكلا نقص عليك من أنباء الرسل } ، ذكرت هذه بعدها ، لأنها من أنبائهم . وقد ذكر أولا ما لقي الأنبياء عليهم السلام من قومهم ، وذكر في هذه ما لقي يوسف من إخوته ، ليعلم ما قاسوه من أذى الأجانب والأقارب ، فبينهما أتم المناسبة . والمقصود تسلية النبي صلى الله عليه وسلم بما لاقاه من أذى القريب والبعيد . انتهى .

و ( يوسف ) اسم عبراني ، تعريبه يزيد ، أو زيادة . وذلك لما روي أن أمه ( راحيل ) كانت قعدت عن الحمل مدة ، ولحقها الحزن تلقاء ضراتها الوالدات . ولما وهبها تعالى ، بعد سنين ، ولدا سمته ( يوسف ) وقالت : يزيدني به ربي ولدا آخر .

وهذه السورة مكية اتفاقا ، وآياتها مائة وإحدى عشرة بلا خلاف .

وقد روى البيهقي في ( الدلائل ) أن طائفة من اليهود ، حين سمعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يتلو هذه السورة ، أسلموا لموافقتها ما عندهم .

بسم الله الرحمن الرحيم

[ 1 ] { آلر تلك آيات الكتاب المبين 1 } .

{ آلر } تقدم الكلام على مثله ، وأنها إما حروف مسرودة على نمط التعديد ، والإشارة في قوله : { تلك آيات الكتاب المبين } إلى آيات السورة ، نزل ما بعده ، لكونه مترقبا ، منزلة المتقدم . والإشارة بالبعيد لعظمته ، وبعد مرتبته . وإما اسم السورة ، والإشارة في { تلك } إليها . والمراد ب { الكتاب } السورة لأنه بمعنى المكتوب ، فيطلق عليها . أو القرآن ، لأنه كما يطلق على كله ، يطلق على بعضه . و { المبين } بمعنى الظاهر أمرها وإعجازها . إن أخذ من ( بان ) لازما بمعنى ظهر ، وإن أخذ من المتعدى فالمفعول مقدر ، أي أنها من عند الله تعالى .


[1]:(4 النساء 15 و 16).