الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{الٓرۚ تِلۡكَ ءَايَٰتُ ٱلۡكِتَٰبِ ٱلۡمُبِينِ} (1)

مقدمة السورة:

أخرج النحاس وأبو الشيخ وابن مردويه ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : نزلت سورة يوسف بمكة .

وأخرج ابن مردويه ، عن ابن الزبير رضي الله عنه قال : أنزلت سورة يوسف بمكة .

وأخرج الحاكم وصححه ، عن رفاعة بن رافع الزرقي أنه خرج هو وابن خالته معاذ بن عفران حتى قدما مكة ، وهذا قبل خروج الستة من الأنصار فأتيا النبي صلى الله عليه وسلم قال : فقلت أعرض علي ، فعرض عليه الإسلام وقال : «من خلق السماوات والأرض والجبال ؟ قلنا الله ، قال : فمن خلقكم ؟ قلنا الله ، قال : فمن عمل هذه الأصنام التي تعبدون ؟ قلنا نحن . قال : فالخالق أحق بالعبادة أم المخلوق ؟ فأنتم أحق أن يعبدوكم ! وأنتم عملتموها ، والله أحق أن تعبدوه من شيء عملتموه ، وأنا أدعوكم إلى عبادة الله وإلى شهادة أن لا إلاه إلا الله وإني رسول الله . وصلة الرحم ، وترك العدوان ، وبغض الناس » . قلنا : لو كان الذي تدعونا إليه باطلا لكان من معالي الأمور ومحاسن الأخلاق . أمسك راحلتينا حتى نأتي البيت فجلس عند معاذ بن عفران ، قال : فطفت وأخرجت سبعة أقداح ، فجعلت له منها قدحا ، فاستقبلت البيت فضربت بها وقلت : اللهم إن كان ما يدعو إليه محمد حقا فأخرج قدحه سبع مرات ، قال : فضربت فخرج سبع مرات ، فصحت أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، فاجتمع الناس علي وقالوا : مجنون ، رجل صبأ . قلت : بل رجل مؤمن ، ثم جئت إلى أعلى مكة فلما رآني معاذ قال : لقد جاء رافع بوجه ما ذهب بمثله . فجئت وآمنت وعلمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة يوسف و( اقرأ باسم ربك ) ثم رجع إلى المدينة .

وأخرج ابن سعد عن عكرمة أن مصعب بن عمير لما قدم المدينة يعلم الناس القرآن ، بعث إليهم عمرو بن الجموح : ما هذا الذي جئتمونا به ؟ فقالوا : إن شئت جئناك فأسمعناك القرآن ، قال : نعم . فواعدهم يوما ، فجاء فقرأ عليه القرآن ( الر تلك آيات الكتاب المبين إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون } .

وأخرج البيهقي في الدلائل من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما ، أن حبرا من اليهود دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فوافقه وهو يقرأ سورة يوسف ، فقال يا محمد ، من علمكها ؟ ! قال : «الله علمنيها » فعجب الحبر لما سمع منه ، فرجع إلى اليهود ، فقال لهم : والله أن محمدا ليقرأ القرآن كما أنزل في التوراة ، فانطلق بنفر منهم حتى دخلوا عليه . فعرفوه بالصفة ، ونظروا إلى خاتم النبوة بين كتفيه ، فجعلوا يستمعون إلى قراءته بسورة يوسف فتعجبوا منه وأسلموا عند ذلك .

وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن عبد الله بن عامر بن ربيعة قال : سمعت عمر رضي الله عنه يقرأ في الفجر بسورة يوسف .

أخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم ، عن قتادة رضي الله عنه في قوله { تلك آيات الكتاب المبين } قال : أي والله يبين بركته وهداه ورشده . وفي لفظ ، يبين الله رشده وهداه .

وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله { تلك آيات الكتاب المبين } قال : يبين حلاله وحرامه .

وأخرج ابن جرير عن خالد بن معدان عن معاذ رضي الله عنه أنه قال في قول الله { تلك آيات الكتاب المبين } قال : يبين الله الحروف التي سقطت عن ألسن الأعاجم ، وهي ستة أحرف .