معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَمَا ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَآ إِلَّا لَعِبٞ وَلَهۡوٞۖ وَلَلدَّارُ ٱلۡأٓخِرَةُ خَيۡرٞ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ} (32)

قوله تعالى : { وما الحياة الدنيا إلا لعب ولهو } . باطل وغرور لا بقاء لها .

قوله تعالى : { وللدار الآخرة } ، قرأ ابن عامر { ولدار الآخرة } مضافا ، أضاف الدار إلى الآخرة ، ويضاف الشيء إلى نفسه عند اختلاف اللفظين ، كقوله : { وحب الحصيد } وقولهم : ربيع الأول ، ومسجد الجامع ، سميت الدنيا لدنوها ، وقيل : لدناءتها ، وسميت الآخرة لأنها بعد الدنيا .

قوله تعالى : { خير للذين يتقون } الشرك .

قوله تعالى : { أفلا تعقلون } ، أي أن الآخرة أفضل من الدنيا ، قرأ أهل المدينة وابن عامر ويعقوب : { أفلا تعقلون } بالتاء هاهنا وفي الأعراف ، وسورة يوسف ويس ، ووافق أبو بكر في سورة يوسف ، ووافق حفص إلا في سورة يس ، وقرأ الآخرون بالياء فيهن .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَمَا ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَآ إِلَّا لَعِبٞ وَلَهۡوٞۖ وَلَلدَّارُ ٱلۡأٓخِرَةُ خَيۡرٞ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ} (32)

{ 32 } { وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ }

هذه حقيقة الدنيا وحقيقة الآخرة ، أما حقيقة الدنيا فإنها لعب ولهو ، لعب في الأبدان ولهو في القلوب ، فالقلوب لها والهة ، والنفوس لها عاشقة ، والهموم فيها متعلقة ، والاشتغال بها كلعب الصبيان .

وأما الآخرة ، فإنها { خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ } في ذاتها وصفاتها ، وبقائها ودوامها ، وفيها ما تشتهيه الأنفس ، وتلذ الأعين ، من نعيم القلوب والأرواح ، وكثرة السرور والأفراح ، ولكنها ليست لكل أحد ، وإنما هي للمتقين الذين يفعلون أوامر الله ، ويتركون نواهيه وزواجره { أَفَلَا تَعْقِلُونَ } أي : أفلا يكون لكم عقول ، بها تدركون ، أيّ الدارين أحق بالإيثار .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَمَا ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَآ إِلَّا لَعِبٞ وَلَهۡوٞۖ وَلَلدَّارُ ٱلۡأٓخِرَةُ خَيۡرٞ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ} (32)

وقوله : { وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلا لَعِبٌ وَلَهْوٌ } أي : إنما غالبها كذلك { وَلَلدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ }

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَمَا ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَآ إِلَّا لَعِبٞ وَلَهۡوٞۖ وَلَلدَّارُ ٱلۡأٓخِرَةُ خَيۡرٞ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ} (32)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَمَا الْحَيَاةُ الدّنْيَآ إِلاّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدّارُ الاَخِرَةُ خَيْرٌ لّلّذِينَ يَتّقُونَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } . .

وهذا تكذيب من الله تعالى ذكره هؤلاء الكفار المنكرين البعث بعد الممات في قولهم إنْ هِيَ إلاّ حَياتُنا الدّنْيا وَما نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ ، يقول تعالى ذكره مكذبا لهم في قيلهم ذلك : ما الحَياةُ الدّنْيا أيها الناس ، إلاّ لَعِبٌ وَلهْوٌ يقول : ما باغي لذّات الحياة التي أدنيت لكم وقرّبت منكم في داركم هذه ونعيمها وسرورها فيها والمتلذّذ بها والمنافس عليها ، إلا في لعب ولهو لأنها عما قليل تزول عن المستمتع بها والمتلذّذ فيها بملاذها ، أو تأتيه الأيام بفجائعها وصروفها فتُمِرّ عليه وتكدرُ كاللاعب اللاهي الذي يسرع اضمحلال لهوه ولعبه عنه ، ثم يعقبه منه ندما ويورثه منه ترحا . يقول : لا تغترّوا أيها الناس بها ، فإن المغترّ بها عما قليل يندم . وللدّارُ الاَخِرَةُ خَيْرٌ للّذِينَ يَتّقُونَ يقول : وللعمل بطاعته والاستعداد للدار الاَخرة بالصالح من الأعمال التي تبقي منافعها لأهلها ويدوم سرور أهلها فيها ، خير من الدار التي تفني فلا يبقى لعمالها فيها سرور ولا يدوم لهم فيها نعيم . للّذِينَ يَتّقُونَ يقول : للذين يخشون الله فيتقونه بطاعته واجتناب معاصيه والمسارعة إلى رضاه . أفَلا تَعْقِلُونَ يقول : أفلا يعقل هؤلاء المكذّبون بالبعث حقيقة ما نخبرهم به من أن الحياة الدنيا لعب ولهو ، وهم يرون من يُخْترم منهم ومن ينهلك فيموت ومن تنوبه فيها النوائب وتصيبه المصائب وتفجعه الفجائع ؟ ففي ذلك لمن عقل مدّكر ومزدجر عن الركون إليها واستعباد النفس لها ، ودليل واضح على أن لها مدبرا ومصرفا يلزم الخلقَ إخلاصُ العبادة له بغير إشراك شيء سواه معه .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَمَا ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَآ إِلَّا لَعِبٞ وَلَهۡوٞۖ وَلَلدَّارُ ٱلۡأٓخِرَةُ خَيۡرٞ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ} (32)

{ وما الحياة الدنيا إلا لعب ولهو } أي وما أعمالها إلا لعب ولهو يهلي الناس ويشغلهم عما يعقب منفعة دائمة ولذة حقيقة . وهو جواب لقولهم { إن هي إلا حياتنا الدنيا } . { وللدار الآخرة خير للذين يتقون } لدوامها وخلوص منافعها ولذاتها ، وقوله : { للذين يتقون } تنبيه على أن ما ليس من أعمال المتقين لعب ولهو . وقرأ ابن عامر " ولدار الآخرة " { أفلا تعقلون } أي الأمرين خير . وقرأ نافع وابن عامر وحفص عن عاصم ويعقوب بالتاء على خطاب المخاطبين به ، أو تغليب الحاضرين على الغائبين .