معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{قُلۡ مَنۡ حَرَّمَ زِينَةَ ٱللَّهِ ٱلَّتِيٓ أَخۡرَجَ لِعِبَادِهِۦ وَٱلطَّيِّبَٰتِ مِنَ ٱلرِّزۡقِۚ قُلۡ هِيَ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا خَالِصَةٗ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۗ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ ٱلۡأٓيَٰتِ لِقَوۡمٖ يَعۡلَمُونَ} (32)

قوله تعالى : { قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده } ، يعني لبس الثياب في الطواف .

قوله تعالى : { والطيبات من الرزق } ، يعني اللحم والدسم في أيام الحج ، وعن ابن عباس وقتادة : { والطيبات من الرزق } ما حرم أهل الجاهلية من البحائر والسوائب . قوله تعالى : { قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصةً يوم القيامة } ، فيه حذف تقديره : هي للذين آمنوا وللمشركين في الحياة الدنيا ، فإن أهل الشرك يشاركون المؤمنين في طيبات الدنيا ، وهي في الآخرة خالصة للمؤمنين لا حظ للمشركين فيها . وقيل : هي خالصة يوم القيامة من التنغيص والغم للمؤمنين ، فإنها لهم في الدنيا مع التنغيص والغم . وقرأ نافع : { خالصة } رفع ، أي قل : هي للذين آمنوا مشتركة في الدنيا ، خالصة يوم القيامة . وقرأ الآخرون بالنصب على القطع .

قوله تعالى : { كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون } .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قُلۡ مَنۡ حَرَّمَ زِينَةَ ٱللَّهِ ٱلَّتِيٓ أَخۡرَجَ لِعِبَادِهِۦ وَٱلطَّيِّبَٰتِ مِنَ ٱلرِّزۡقِۚ قُلۡ هِيَ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا خَالِصَةٗ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۗ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ ٱلۡأٓيَٰتِ لِقَوۡمٖ يَعۡلَمُونَ} (32)

يقول تعالى منكرا على من تعنت ، وحرم ما أحل اللّه من الطيبات { قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ } من أنواع اللباس على اختلاف أصنافه ، والطيبات من الرزق ، من مأكل ومشرب بجميع أنواعه ، أي : مَن هذا الذي يقدم على تحريم ما أنعم اللّه بها على العباد ، ومن ذا الذي يضيق عليهم ما وسَّعه اللّه ؟ " .

وهذا التوسيع من اللّه لعباده بالطيبات ، جعله لهم ليستعينوا به على عبادته ، فلم يبحه إلا لعباده المؤمنين ، ولهذا قال : { قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ } أي : لا تبعة عليهم فيها .

ومفهوم الآية أن من لم يؤمن باللّه ، بل استعان بها على معاصيه ، فإنها غير خالصة له ولا مباحة ، بل يعاقب عليها وعلى التنعم بها ، ويُسأل عن النعيم يوم القيامة .

{ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ } أي : نوضحها ونبينها { لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } لأنهم الذين ينتفعون بما فصله اللّه من الآيات ، ويعلمون أنها من عند اللّه ، فيعقلونها ويفهمونها .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قُلۡ مَنۡ حَرَّمَ زِينَةَ ٱللَّهِ ٱلَّتِيٓ أَخۡرَجَ لِعِبَادِهِۦ وَٱلطَّيِّبَٰتِ مِنَ ٱلرِّزۡقِۚ قُلۡ هِيَ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا خَالِصَةٗ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۗ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ ٱلۡأٓيَٰتِ لِقَوۡمٖ يَعۡلَمُونَ} (32)

26

ولا يكتفي السياق بالدعوة إلى اتخاذ الزينة عند كل مسجد ، وإلى الاستمتاع بالطيب من الطعام والشراب . بل يستنكر تحريم هذه الزينة التي أخرجها الله لعباده ، وتحريم الطيبات من الرزق . فمن المستنكر أن يحرم أحد - برأيه - ما أخرجه الله للناس من الزينة أو من الطيبات . فتحريم شيء أو تحليله لا يكون إلا بشرع من الله :

( قل : من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق )?

ويتبع الاستنكار بتقرير أن هذه الزينة من اللباس ، وهذه الطيبات من الرزق ، هي حق للذين آمنوا - بحكم إيمانهم بربهم الذي أخرجها لهم - ولئن كان سواهم يشاركهم فيها في هذه الدنيا ، فهي خالصة لهم يوم القيامة لا يشاركهم فيها الذين كفروا :

( قل : هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا ، خالصة يوم القيامة ) . .

ولن يكون الشأن كذلك ، ثم تكون محرمة عليهم ؛ فما يخصهم الله في الآخرة بشيء هو حرام !

( كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون ) .

والذي ( يعلمون ) حقيقة هذا الدين هم الذين ينتفعون بهذا البيان .

/خ34

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{قُلۡ مَنۡ حَرَّمَ زِينَةَ ٱللَّهِ ٱلَّتِيٓ أَخۡرَجَ لِعِبَادِهِۦ وَٱلطَّيِّبَٰتِ مِنَ ٱلرِّزۡقِۚ قُلۡ هِيَ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا خَالِصَةٗ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۗ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ ٱلۡأٓيَٰتِ لِقَوۡمٖ يَعۡلَمُونَ} (32)

يقول تعالى ردًا على من حَرَّم شيئًا من المآكل أو المشارب ، والملابس ، من تلقاء نفسه ، من غير شرع من الله : { قُلْ } يا محمد ، لهؤلاء المشركين الذين يحرمون ما يحرمون بآرائهم الفاسدة وابتداعهم : { مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ [ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ] }{[11695]} الآية ، أي : هي مخلوقة لمن آمن بالله وعبده في الحياة الدنيا ، وإن شركهم فيها الكفار حسًا{[11696]} في الدنيا ، فهي لهم خاصة يوم القيامة ، لا يَشْرَكهم فيها أحد من الكفار ، فإن الجنة محرّمة على الكافرين .

قال أبو القاسم الطبراني : حدثنا أبو حُصَين محمد بن الحسين القاضي ، حدثنا يحيى الحِمَّاني ، حدثنا يعقوب القُمِّي ، عن جعفر بن أبي المغيرة ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : كانت قريش يطوفون بالبيت وهم عراة ، يصفرون ويُصفِّقون . فأنزل الله : { قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ } فأمروا بالثياب . {[11697]}


[11695]:زيادة من ك، م، أ.
[11696]:في ك: "حبا".
[11697]:المعجم الكبير (12/13)، وقال الهيثمي في المجمع (7/23): "فيه يحيى الحماني وهو ضعيف".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{قُلۡ مَنۡ حَرَّمَ زِينَةَ ٱللَّهِ ٱلَّتِيٓ أَخۡرَجَ لِعِبَادِهِۦ وَٱلطَّيِّبَٰتِ مِنَ ٱلرِّزۡقِۚ قُلۡ هِيَ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا خَالِصَةٗ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۗ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ ٱلۡأٓيَٰتِ لِقَوۡمٖ يَعۡلَمُونَ} (32)

القول في تأويل قوله تعالى : { قُلْ مَنْ حَرّمَ زِينَةَ اللّهِ الّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطّيّبَاتِ مِنَ الرّزْقِ قُلْ هِي لِلّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصّلُ الاَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } .

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : قُلْ يا محمد لهؤلاء الجهلة من العرب الذين يتعرّون عند طوافهم بالبيت ، ويحرّمون على أنفسهم ما أحللت لهم من طيبات الرزق : مَنْ حَرّمَ أيها القوم عليكم زِينَةَ اللّهِ التي خلقها لعباده أن تتزينوا بها وتتجملوا بلباسها ، والحلال من رزق الله الذي رزق خلقه لمطاعمهم ومشاربهم .

واختلف أهل التأويل في المعنىّ بالطيبات من الرزق بعد إجماعهم على أن الزينة ما قلنا ، فقال بعضهم : الطيبات من الرزق في هذا الموضع : اللحم ، وذلك أنهم كانوا لا يأكلونه في حال إحرامهم . ذكر من قال ذلك منهم :

حدثني محمد بن الحسين ، قال : حدثنا أحمد بن المفضل ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ ، في قوله : قُلْ مَنْ حَرّمَ زِينَةَ اللّهِ التي أخْرَجَ لِعِبَادِهِ والطّيّباتِ مِنَ الرّزْقِ وهو الودك .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : قُلْ مَنْ حَرّمَ زِينَةَ اللّهِ التي أخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطّيّباتِ مِنَ الرّزْقِ الذي حرّموا على أنفسهم ، قال : كانوا إذا حجوا أو اعتمروا حرّموا الشاة عليهم وما يخرج منها .

وحدثني به يونس مرّة أخرى ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال بن زيد ، في قوله : قُلْ مَنْ حَرّمَ زِينَةَ اللّهِ . . . إلى آخر الاَية ، قال : كان قوم يحرّمون ما يخرج من الشاة لبنها وسمنها ولحمها ، فقال الله : قُلْ مَنْ حَرّمَ زِينَةَ اللّهِ التي أخْرَجَ لِعِبادِهِ والطّيّباتِ مِنَ الرّزْقِ قال : والزينة من الثياب .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا حبان بن موسى ، قال : أخبرنا ابن المبارك ، عن سفيان ، عن رجل ، عن الحسن ، قال : لما بعث محمدا فقال : هذا نبيي هذا خياري ، استنّوا به خذوا في سنته وسبيله لم تُغلق دونه الأبواب ولم تُقم دونه الحُجُب ، ولم يغد عليه بالجبار ولم يرجع عليه بها . وكان يجلس بالأرض ، ويأكل طعامه بالأرض ، ويلعق يده ، ويلبس الغليظ ، ويركب الحمار ، ويردف عبده ، وكان يقول : «مَنْ رَغِبَ عَنْ سُنّتِي فَلَيْسَ مِنّي » . قال الحسن : فما أكثر الراغبين عن سنته التاركين لها ، ثم عُلوجا فسّاقا ، أكلة الربا والغلول ، قد سفههم ربي ومقتهم ، زعموا أن لا بأس عليهم فيما أكلوا وشربوا وزخرفوا هذه البيوت ، يتأوّلون هذه الاَية : قُل مَنْ حَرمَ زِينَةَ اللّهِ التي أخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطّيّباتِ مِن الرّزْقِ وإنما جعل ذلك لأولياء الشيطان ، قد جعلها ملاعب لبطنه وفرجه من كلام لم يحفظه سفيان .

وقال آخرون : بل عنى بذلك ما كانت الجاهلية تحرّم من البحائر والسوائب . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر بن معاذ ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : قُلْ مَنْ حَرّمَ زِينَةَ اللّهِ التي أخْرَجَ لِعِبادِهِ والطّيّباتِ مِنَ الرّزقِ وهو ما حرّم أهل الجاهلية عليهم من أموالهم : البحيرة ، والسائبة ، والوصيلة ، والحام .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا عبد الله بن صالح ، قال : ثني معاوية بن صالح ، عن عليّ ، عن ابن عباس قوله : قُلْ مَنْ حَرّمَ زِينَةَ اللّهِ التي أخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطّيّباتِ مِنَ الرّزْقِ قال : إن الجاهلية كانوا يحرّمون أشياء أحلها الله من الثياب وغيرها ، وهو قول الله : قُلْ أرأيْتُمْ ما أنْزَلَ الله لَكُم مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَاما وَحَلالاً وهو هذا ، فأنزل الله : قُلْ مَنْ حَرّمَ زِينَةَ اللّهِ التي أخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطّيّباتِ مِنَ الرّزْقِ .

القول في تأويل قوله تعالى : قُلْ هِيَ للّذِينَ آمَنُوا فِي الحَياةِ الدّنْيا خالِصَة يَوْمَ القِيامَةِ .

يقول الله تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : قل يا محمد لهؤلاء الذين أمرتك أن تقول لهم مَنْ حَرّمَ زِينَةَ اللّهِ التي أخْرَجَ لِعِبادِهِ والطّيّباتِ مِن الرّزْقِ إذ عيوا بالجواب فلم يدروا ما يجيبونك : زينة الله التي أخرج لعباده ، وطيبات رزقه للذين صدّقوا الله ورسوله ، واتبعوا ما أنزل إليك من ربك في الدنيا ، وقد شركهم في ذلك فيها من كفر بالله ورسوله وخالف أمر ربه ، وهي للذين آمنوا بالله ورسوله خالصة يوم القيامة ، لا يشركهم في ذلك يومئذٍ أحد كفر بالله ورسوله وخالف أمر ربه .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل : ذكر من قال ذلك :

حدثني المثنى ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : قُلْ هِيَ للّذِينَ آمَنُوا في الحَياةِ الدّنْيا خالِصَةً يَوْمَ القِيامَةِ يقول : شارك المسلمون الكفار في الطيّبات ، فأكلوا من طيبات طعامها ، ولبسوا من خيار ثيابها ، ونكحوا من صالح نسائها ، وخلصوا بها يوم القيامة .

وحدثني به المثنى مرّة أخرى بهذا الإسناد بعينه ، عن ابن عباس ، فقال : قُلْ هِيَ لِلّذِينَ آمَنُوا فِي الحَياةِ الدّنَيا يعني : يشارك المسلمون المشركين في الطيّبات في الحياة الدنيا ، ثم يخلص الله الطيبات في الاَخرة للذين آمنوا ، وليس للمشركين فيها شيء .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قال : قال لمحمد صلى الله عليه وسلم : قُلْ مَنْ حَرّمَ زِينَةَ اللّهِ التي أخْرَجَ لِعِبادِهِ والطّيّباتِ مِنَ الرّزْقِ قُلْ هِي للّذِينَ آمَنُوا فِي الحَياة الدّنْيا خالِصَةً يَوْمَ القيامةِ يقول : قل هي في الاَخرة خالصة لمن آمن بي في الدنيا ، لا يشركهم فيها أحد وذلك أن الزينة في الدنيا لكلّ بني آدم ، فجعلها الله خالصة لأوليائه في الاَخرة .

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي ، عن سلمة بن نبيط ، عن الضحاك : قُلْ هِيَ الّذِينَ آمَنُوا فِي الحَياةِ الدّنيْا خالِصَةً يَوْمَ القِيامَةِ قال : اليهود والنصارى يشركونكم فيها في الدنيا ، وهي للذين آمنوا خالصة يوم القيامة .

حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن الحسن : قُلْ هِيَ الّذِينَ آمَنُوا فِي الحَياةِ الدّنيْا خالِصَةً يَوْمَ القِيامَةِ خالصة للمؤمنين في الاَخرة لا يشاركهم فيها الكفار ، فأما في الدنيا فقد شاركوهم .

حدثنا بشر بن معاذ ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : قُلْ هِيَ للّذِينَ آمَنُوا في الحَياةِ الدّنيْا خالِصَةً يَوْمَ القِيامَةِ من عمل بالإيمان في الدنيا خلصت له كرامة الله يوم القيامة ، ومن ترك الإيمان في الدنيا قدم على ربه لا عذر له .

حدثني محمد بن الحسين ، قال : حدثنا أحمد بن المفضل ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ : قُل هِيَ للّذِينَ آمَنُوا فِي الحَياةِ الدّنيْا يشترك فيها معهم المشركون ، خالِصَةً يَومَ القِيامَةِ للذين آمنوا .

حُدثت عن الحسين بن الفرج ، قال : سمعت أبا معاذ ، قال : حدثنا عبيد بن سليمان ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : قُل مَنْ حَرمَ زِينَةَ اللّهِ التي أخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطّيّباتِ مِنَ الرّزقِ قُلْ هِيَ للّذِينَ آمَنُوا فِي الحَياةِ الدّنيْا خالِصَةً يَومَ القِيامَةِ يقول : المشركون يشاركون المؤمنين في الدنيا في اللباس والطعام والشراب ، ويوم القيامة يُخَلص اللباس والطعام والشراب للمؤمنين ، وليس للمشركين في شيء من ذلك نصيب .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، قال : الدنيا يصيب منها المؤمن والكافر ، ويخلص خير الاَخرة للمؤمنين ، وليس للكافر فيها نصيب .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد : قُلْ هِيَ للّذِينَ آمَنُوا فِي الحَياةِ الدّنيْا خالِصَةً يَوْمَ القِيامَةِ قال : هذه يوم القيامة للذين آمنوا ، لا يشركهم فيها أهل الكفر ويشركونهم فيها فِي الدنيا ، وإذا كان يوم القيامة فليس لهم فيها قليل ولا كثير . وقال سعيد بن جبير في ذلك ، بما :

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا إسماعيل بن أبان وحيوية الرازي أبو يزيد عن يعقوب القمي ، عن سعيد بن جبير : قُلَ هِيَ للّذِينَ آمَنُوا فِي الحَياةِ الدّنيْا خالِصَةً يَوْمَ القِيامَةِ قال : ينتفعون بها في الدنيا ولا يتبعهم إثمها .

واختلفت القرّاء في قراءة قوله «خالصة » ، فقرأ ذلك بعض قرّاء المدينة : «خالِصَةٌ » برفعها ، بمعنى : قل هي خالصة للذين آمنوا . وقرأه سائر قرّاء الأمصار : خالصَةً بنصبها على الحال من لهم ، وقد ترك ذكرها من الكلام اكتفاء منها بدلالة الظاهر عليها ، على ما قد وصفت في تأويل الكلام أن معنى للكلام : قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا مشتركة ، وهي لهم الاَخرة خالصة . ومن قال ذلك بالنصب جعل خبر «هي » في قوله : للّذِينَ آمَنُوا .

قال أبو جعفر : وأولى القراءتين عندي بالصحة قراءة من قرأ نصبا ، لإيثار العرب النصب في الفعل إذا تأخر بعد الاسم والصفة وإن كان الرفع جائزا ، غير أن ذلك أكثر في كلامهم .

القول في تأويل قوله تعالى : كَذَلِكَ نُفَصّلُ الاَياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ .

يقول تعالى ذكره : كما بينت لكن الواجب عليكم في اللباس والزينة والحلال من المطاعم والمشارب والحرام منها ، وميزت بين ذلك لكم أيها الناس ، كذلك أبين جميع أدلتي وحججي وأعلام حلالي وحرامي وأحكامي لقوم يعلمون ما يبين لهم ويفقهون ما يميز لهم .