الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{قُلۡ مَنۡ حَرَّمَ زِينَةَ ٱللَّهِ ٱلَّتِيٓ أَخۡرَجَ لِعِبَادِهِۦ وَٱلطَّيِّبَٰتِ مِنَ ٱلرِّزۡقِۚ قُلۡ هِيَ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا خَالِصَةٗ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۗ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ ٱلۡأٓيَٰتِ لِقَوۡمٖ يَعۡلَمُونَ} (32)

قوله سبحانه : { قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ الله التي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ }[ الأعراف :32 ] .

أي : قل لهم على جِهَةِ التوبيخ ، وَزِينَةُ اللَّه هي ما حَسَّنته الشَّرِيعَةُ ، وقررته ، وزِينَةُ الدنيا كل ما اقتضته الشَّهْوَةُ ، وطلب العلو في الأرض ، كالمَالِ والبنين ،

و{ الطَّيِّبَاتُ } قال الجمهور : يريد المُحَلّلات .

وقال الشافعي وغيره : هي المُسْتَلَذَّاتُ أي : من الحلال ، وإنما قاد الشَّافعي إلى هذا تحريمه المستقذرات كالوَزَغِ ونحوهَا ، فإنه يقول : هي من الخَبَائِث .

( ت ) وقال مكي : المعنى قل مَنْ حَرَّمَ زينة اللَّه ، أي : اللِّبَاس الذي يزين الإنسان بأَن يستر عَوْرَتهُ ، ومن حرم الطيبات من الرزق المُبَاحَةِ .

وقيل عنى بذلك ما كَانَتِ الجَاهِلِيَّةُ تحرمه من السوائب والبَحَائِر ، انتهى .

وقوله سبحانه : { قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الحياة الدنيا خَالِصَةً يَوْمَ القيامة }[ الأعراف :32 ] .

قال ابن جُبَيْرٍ : المعنى قل هي للذين آمَنُوا في الحَيَاةِ الدنيا ، يَنْتَفِعُونَ بها في الدُّنْيَا ، ولا يتبعهم إثمها يوم القِيَامَةِ ، وقال ابن عباس ، والضحاك ، والحسن ، وقتادة ، وغيرهم : المعنى هو أن يخبر صلى الله عليه وسلم أن هذه الطَّيبات المَوْجُودَاتِ هي في الحياة الدنيا للذين آمنوا ، وإن كانت أيْضاً لغيرهم معهم ، وهي يوم القيامة خالصة لهم ، أي : لا يشركهم أحد في استعمالها في الآخرة ،

وقرأ نافع وحده { خالصةٌ } بالرفع ، والباقون بالنَّصْب .

وقوله سبحانه : { كذلك نُفَصِّلُ الآيات لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } أي : كما فَصَّلنا هذه الأشياء المتقدمة الذِّكر ، { نُفَصِّلُ الآيات } أي : نبين الأمَارَاتِ ، والعَلاَمَاتِ ، والهِدَايَاتِ لقوم لهم علم ينتفعون به .