معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{بَلۡ ظَنَنتُمۡ أَن لَّن يَنقَلِبَ ٱلرَّسُولُ وَٱلۡمُؤۡمِنُونَ إِلَىٰٓ أَهۡلِيهِمۡ أَبَدٗا وَزُيِّنَ ذَٰلِكَ فِي قُلُوبِكُمۡ وَظَنَنتُمۡ ظَنَّ ٱلسَّوۡءِ وَكُنتُمۡ قَوۡمَۢا بُورٗا} (12)

قوله تعالى : { بل ظننتم أن لن ينقلب الرسول والمؤمنون إلى أهليهم أبداً } أي : ظننتم أن العدو يستأصلهم فلا يرجعون ، { وزين ذلك في قلوبكم } زين الشيطان ذلك الظن في قلوبكم ، { وظننتم ظن السوء } وذلك أنهم قالوا : إن محمداً وأصحابه أكلة رأس ، فلا يرجعون ، فأين تذهبون معه ، انتظروا ما يكون من أمرهم . { وكنتم قوماً بوراً } هلكى لا تصلحون لخير .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{بَلۡ ظَنَنتُمۡ أَن لَّن يَنقَلِبَ ٱلرَّسُولُ وَٱلۡمُؤۡمِنُونَ إِلَىٰٓ أَهۡلِيهِمۡ أَبَدٗا وَزُيِّنَ ذَٰلِكَ فِي قُلُوبِكُمۡ وَظَنَنتُمۡ ظَنَّ ٱلسَّوۡءِ وَكُنتُمۡ قَوۡمَۢا بُورٗا} (12)

فظنوا { أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا } أي : إنهم سيقتلون ويستأصلون ، ولم يزل هذا الظن يزين في قلوبهم ، ويطمئنون إليه ، حتى استحكم ، وسبب ذلك أمران :

أحدها : أنهم كانوا { قَوْمًا بُورًا } أي : هلكى ، لا خير فيهم ، فلو كان فيهم خير لم يكن هذا في قلوبهم .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{بَلۡ ظَنَنتُمۡ أَن لَّن يَنقَلِبَ ٱلرَّسُولُ وَٱلۡمُؤۡمِنُونَ إِلَىٰٓ أَهۡلِيهِمۡ أَبَدٗا وَزُيِّنَ ذَٰلِكَ فِي قُلُوبِكُمۡ وَظَنَنتُمۡ ظَنَّ ٱلسَّوۡءِ وَكُنتُمۡ قَوۡمَۢا بُورٗا} (12)

ثم أكد - سبحانه - كذبهم بإضراب آخر عن أقوالهم فقال : { بَلْ ظَنَنْتُمْ أَن لَّن يَنقَلِبَ الرسول والمؤمنون إلى أَهْلِيهِمْ أَبَداً وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنتُمْ ظَنَّ السوء وَكُنتُمْ قَوْماً بُوراً } والبور فى الأصل : مصدر كالهُلْكِ ، يوصف به المفرد والمثنى والجمع والمذكر والمؤنث .

وهو هنا مستعمل بمعنى اسم الفاعل وقيل : هو جمع بائر ، كحائل وحول .

قال صاحب الكشاف والبور من بار ، كالهُلْكِ من هَلَك بناء ومعنى ، ولذلك وصف به الواحد والجمع والمذكر والمؤنث . ويجوز أن يكون جمع بائر كعائد وعوذ . .

والمعنى : ليس الأمر كما زعمتم - أيها المخلفون - من أن أموالاكم وأولادكم هى التى شغلتكم عن الخروج مع رسولكم - صلى الله عليه وسلم - ولكن الحق أنكم ظننتم أن العدو سيستأصل شأفة المؤمنين بالقتل والإِهلاك . وأنهم لن يعودوا بعد ذلك إلى أهليهم أبدا . .

وزين الشيطان هذا الظن الفاسد فى قلوبكم ، ومكنه من نفوسكم فقبعتم فى دياركم ، وظننتم ، فى كل ما يتعلق بالرسول - صلى الله عليه وسلم - وبأتباعه الصادقين { ظَنَّ السوء } أى : الظن الذى كله سوء وشر ومنكر .

{ وَكُنتُمْ } فى علم الله - تعالى - وحكمه { قَوْماً بُوراً } أى : قوما هالكين فاسدين ، لا تصلحون لشئ من الخير ، ولا تستحقون إلا الخزى والعقاب .

فأنت ترى أن الله - تعالى - قد ذم هؤلاء المتخلفين وفضحهم وتوعدهم بسوء المصير ، لأسباب متعددة ، منها : سوء ظنهم بالله - تعالى - وبرسوله ، - صلى الله عليه وسلم - فقد توهموا أن الرسول والمؤمنين سيقتلون على يد أعدائهم ، وأنهم لن يعودوا إلى أهليهم أبدا .

ومنها : اعتذارهم الكاذب ، بانشغالهم بأموالهم وأهليهم . .

ومنها : تعمدهم الكذب . وتفوههم بالكلام الذى لا يؤيده قلوبهم .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{بَلۡ ظَنَنتُمۡ أَن لَّن يَنقَلِبَ ٱلرَّسُولُ وَٱلۡمُؤۡمِنُونَ إِلَىٰٓ أَهۡلِيهِمۡ أَبَدٗا وَزُيِّنَ ذَٰلِكَ فِي قُلُوبِكُمۡ وَظَنَنتُمۡ ظَنَّ ٱلسَّوۡءِ وَكُنتُمۡ قَوۡمَۢا بُورٗا} (12)

{ بل ظننتم أن لن ينقلب الرسول والمؤمنون إلى أهليهم أبدا } لظنكم أن المشركين يستأصلونهم ، وأهلون جمع أهل وقد يجمع على أهلات كأرضات على أن أصله أهله وأما أهال فاسم جمع كليال . { وزين ذلك في قلوبكم } فتمكن فيها ، وقرئ على البناء للفاعل وهو الله أو الشيطان . { وظننتم ظن السوء } الظن المذكور ، والمراد التسجيل عليه ب { السوء } أو هو وسائر ما يظنون بالله ورسوله من الأمور الزائغة . { وكنتم قوما بورا } هالكين عند الله لفساد عقيدتكم وسوء نيتكم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{بَلۡ ظَنَنتُمۡ أَن لَّن يَنقَلِبَ ٱلرَّسُولُ وَٱلۡمُؤۡمِنُونَ إِلَىٰٓ أَهۡلِيهِمۡ أَبَدٗا وَزُيِّنَ ذَٰلِكَ فِي قُلُوبِكُمۡ وَظَنَنتُمۡ ظَنَّ ٱلسَّوۡءِ وَكُنتُمۡ قَوۡمَۢا بُورٗا} (12)

ثم فسر لهم العلة التي تخلفوا من أجلها بقوله : { بل ظننتم } الآية ، وفي قراءة عبد الله : «إلى أهلهم » بغير ياء . و : { بوراً } معناه : فاسدين هلكى بسبب فسادهم . والبوار : الهلاك . وبارت السلعة ، مأخوذ من هذا . وبور : يوصف به الجمع والإفراد ، ومنه قول ابن الزبعرى : [ الخفيف ]

يا رسول المليك إن لساني . . . راتق ما فتقت إذ أنا بور{[10413]}

والبور في لغة أزد عمان : الفاسد ، ومنه قول أبي الدرداء : فأصبح ما جمعوا بوراً ، أي فاسداً ذاهباً ، ومنه قول حسان بن ثابت :

لا ينفع الطول من نوك القلوب وقد . . . يهدي الإله سبيل المعشر البور{[10414]}

وقال الطبري في قوله تعالى : { يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم } يعني به قولهم : { فاستغفر لنا } لأنهم قالوا ذلك مصانعة من غير توبة ولا ندم ، قال وقوله تعالى : { قل فمن يملك } الآية ، معناه : وما ينفعكم استغفاري ، وهل أملك لكم شيئاً والله قد أراد ضركم بسبب معصيتكم كما لا أملك إن أراد بكم النفع في أموالكم وأهليكم .


[10413]:ابن الزبعري هو عبد الله بن الزبعري السهمين والبيت في اللسان والطبري والقرطبي، والتاج، ورواية اللسان: يا رسول الإله، وهو يخاطب النبي صلى الله عليه وسلم معتذرا عن هجائه الذي سبق محاولا إصلاح ما فسد، والرتق ضد الفتق، أو هو إصلاح الفتق، والبور: الهالك، والشاهد أن الشاعر استعمل كلمة"بور" للمفرد، وهي في الآية جاءت للجمع، فهي مما يوصف به الجمع والمفرد.
[10414]:البيت لحسان بن ثابت قاله في هجاء قوم، يقول: إن طول أجسامهم لا خير فيه ما داموا حمقى، والبور في البيت بمعنى الفاسدين، وقد يكون هنا جمع بائر مثل حول وحائل، وحكى الفراء عن بعضهم أنه لغة وليس بجمع بائر، والنوك: الحُمق، والأنوك: الأحمق، والبيت شاهد على أن البُور هو الفاسد.