البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{بَلۡ ظَنَنتُمۡ أَن لَّن يَنقَلِبَ ٱلرَّسُولُ وَٱلۡمُؤۡمِنُونَ إِلَىٰٓ أَهۡلِيهِمۡ أَبَدٗا وَزُيِّنَ ذَٰلِكَ فِي قُلُوبِكُمۡ وَظَنَنتُمۡ ظَنَّ ٱلسَّوۡءِ وَكُنتُمۡ قَوۡمَۢا بُورٗا} (12)

ثم بين تعالى لهم العلة في تخلفهم ، وهي ظنهم أن الرسول عليه الصلاة والسلام وأصحابه لا يرجعون إلى أهليهم .

وتقدم الكلام على أهل ، وكيف جمع بالواو والنون في قوله : { ما تطعمون أهليكم } وقرأ عبد الله : إلى أهلهم ، بغير ياء ؛ وزين ، قراءة الجمهور مبنياً للمفعول ، والفاعل هو الله تعالى .

وقيل غيره ممن نسب إليه التزيين مجازاً .

وقرىء : وزين مبنياً للفاعل .

{ وظننتم ظن السوء } : احتمل أن يكون هو الظن السابق ، وهو ظنهم أن لا ينقلبوا ، ويكون قد ساءهم ذلك الظن وأحزنهم حيث أخلف ظنهم .

ويحتمل أن يكون غيره لأجل العطف ، أي ظننتم أنه تعالى يخلف وعده في نصر دينه وإعزاز رسوله صلى الله عليه وسلم .

{ بوراً } : هلكى ، والظاهر أنه مصدر كالهلك ، ولذلك وصف به المفرد المذكر ، كقول ابن الزبعري :

يا رسول المليك إن لساني *** راتق ما فتقت إذ أنا بور

والمؤنث ، حكى أبو عبيدة : امرأة بور ، والمثنى والمجموع .

وقيل : يجوز أن يكون جمع بائر ، كحائل ، وحول هذا في المعتل ، وباذل وبذل في الصحيح ، وفسر بوراً : بفاسدين هلكى .

وقال ابن بحر : أشرار .

واحتمل وكنتم ، أي يكون المعنى : وصرتم بذلك الظن ، وأن يكون وكنتم على بابها ، أي وكنتم في الأصل قوماً فاسدين ، أي الهلاك سابق لكم على ذلك الظن .