إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{بَلۡ ظَنَنتُمۡ أَن لَّن يَنقَلِبَ ٱلرَّسُولُ وَٱلۡمُؤۡمِنُونَ إِلَىٰٓ أَهۡلِيهِمۡ أَبَدٗا وَزُيِّنَ ذَٰلِكَ فِي قُلُوبِكُمۡ وَظَنَنتُمۡ ظَنَّ ٱلسَّوۡءِ وَكُنتُمۡ قَوۡمَۢا بُورٗا} (12)

وقولُه تعالى : { بَلْ ظَنَنْتُمْ } الخ بدلٌ من كانَ الله الخ مفسرٌ لما فيه من الإبهامِ أي بل ظننتُم { أَن لَن يَنقَلِبَ الرسول والمؤمنون إلى أَهْلِيهِمْ أَبَداً } بأن يستأصلَهم المشركون بالمرةِ فخشِيتم إنْ كنتُم معهم أنْ يصيبَكم ما أصابهم فلأجلِ ذلك تخلفتُم لا لما ذكرتُم من المعاذير الباطلةِ . والأهلونَ جمعُ أهلٍ وقد يُجمع على أهلاتٍ كأرضاتٍ على تقديرِ تاءِ التأنيثِ ، وأمَّا الأهالي فاسمُ جمعٍ كالليالي . وقُرِئ إلى أهلِهم { وَزُيّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ } وقبِلتموه واشتغلتُم بشأنِ أنفسِكم غيرَ مُبالينَ بهم . وقُرئ زَيَّنَ على البناءِ للفاعلِ بإسنادِه إلى الله سبحانَهُ أو إلى الشيطانِ { وَظَنَنتُمْ ظَنَّ السوء } المرادُ به إما الظنُّ الأولُ ، والتكريرُ لتشديدِ التوبيخِ والتسجيلِ عليه بالسوءِ أو ما يعمُّه وغيرَهُ من الظنونِ الفاسدةِ التي من جُمْلتها الظنُّ بعدمِ صحةِ رسالتِه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ فإنَّ الجازمَ بصحتِها لا يحومُ حولَ فكرِهِ وما ذُكِرَ من الاستئصال . { وَكُنتُمْ قَوْماً بُوراً } أي هالكينَ عند الله مستوجبينَ لسخطِه وعقابِه على أنه جمعُ بائرٍ كعائذٍ وعوذٍ أو فاسدينَ في أنفسِكم وقلوبِكم ونياتِكم لا خيرَ فيكُم ، وقيلَ البُور من بارَ كالهُلك من هلكَ بناءً ومَعنْى ولذلك وصفَ به الواحدُ والجمعُ والمذكرُ والمؤنثُ .