ثم يقال له : { ذق } هذا العذاب ، { إنك } قرأ الكسائي : ( أنك ) بفتح الألف ، أي لأنك كنت تقول : أنا العزيز الكريم ، وقرأ الآخرون : بكسرها على الابتداء ، { أنت العزيز الكريم } عند قومك بزعمك ، وذلك أن أبا جهل كان يقول : أنا أعز أهل الوادي وأكرمهم ، فتقول له هذا اللفظ خزنة النار ، على طريق الاستحقار والتوبيخ .
وقوله : { ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ } أي : قولوا له ذلك على وجه التهكم والتوبيخ .
وقال الضحاك عن ابن عباس : أي لست بعزيز ولا كريم .
وقد قال{[26275]} الأموي في مغازيه : حدثنا أسباط ، حدثنا أبو بكر الهذلي ، عن عكرمة قال : لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا جهل - لعنه الله - فقال : " إن الله تعالى أمرني أن أقول لك : { أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى . ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى } [ القيامة : 34 ، 35 ] قال : فنزع ثوبه من يده {[26276]} وقال : ما تستطيع لي أنت ولا صاحبك من شيء . ولقد علمت أني أمنع{[26277]} أهل البطحاء ، وأنا العزيز الكريم . قال : فقتله الله تعالى يوم بدر وأذله وعيره بكلمته ، وأنزل : { ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ } {[26278]} .
وقوله تعالى : { ذق ، إنك أنت العزيز الكريم } مخاطبة على معنى هذا التقريع ، ويروى عن قتادة أن أبا جهل لما نزلت : { إن شجرة الزقوم طعام الأثيم } [ الدخان : 43-44 ] قال أيتهددني محمد وأنا ما بين جبليها أعز مني وأكرم ، فنزلت هذه الآيات ، وفي آخرها : { ذق إنك أنت العزيز الكريم } أي على قولك ، وهذا كما قال جرير :
ألم يكن في وسوم قد وسمت بها . . . من خان موعظة يا زهرة اليمن
يقولها للشاعر الذي سمى نفسه به ، وذلك في قوله :
أبلغ كليباً وأبلغ عنك شاعرها . . . أني الأعز وأني زهرة اليمن{[10246]}
وقرأ الجمهور : «إنك » بكسر الهمزة . وقرأ الكسائي وحده : «أنك » بفتح الألف ، والمعنى واحد في المقصد وإن اختلف المأخذ إليه ، وبالفتح قرأها على المنبر الحسين بن علي بن أبي طالب ، أسنده إليه الكسائي وأتبعه فيها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.