اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{ذُقۡ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡكَرِيمُ} (49)

قوله : { ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ } قرأ الكسائيُّ بفتح همزة إنك ، على معنى العلة ، أي لأَنَّك{[50435]} . وقيل تقديره ذق عذاب الجحيم أنك أنت العزيز{[50436]} ، والباقون بالكسر ، على الاستئناف المُفيد للعلة ، فتتحدُ القراءتان معنى ، وهذا الكلام على سبيل التهكم وهو أغيظ لِلْمُسْتَهْزَأ بِهِ{[50437]} .

ومثله قول جرير لشاعر يسمي نفسه زَهْرَة اليَمَنِ :

4430 أَلَمْ تَكُنْ فِي وُسُومٍ قَدْ وُسِمْتَ بِهَا *** مِنْ كُلِّ مَوْعِظَةٍ يَا زَهْرَةَ اليَمَنِ{[50438]}

وهذا الشاعر قد قال :

4431 أَبْلِغْ كُلَيْباً وَأَبْلِغْ عَنْكَ شَاعِرَهَا *** أَنِّي الأَعَزُّ وَأَنِّي زَهْرَةُ اليَمَنِ{[50439]}

ومعنى الآية أنك بالضدِّ منه . روي أن أبا جهل قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : مَا بَيْنَ جبليْها أَعَزُّ ولا أكرمُ مِنِّي ، فَوَالله لا تَسْتَطيعُ أَنْتَ وَلاَ رَبُّكَ أَنْ تَفْعَلاَ بِي شَيْئاً . وروي أن خزنة جهنم تقولُ للكافر هذا الكلام إشْفَاقاً بهم وتوبيخاً{[50440]} .


[50435]:السبعة 593 ورويت عن الحسن بن علي بن أبي طالب. انظر معاني الفراء 3/43 و44.
[50436]:وهو قول أبي البقاء التبيان 1146.
[50437]:البحر المحيط 8/40، والدر المصون 4/820.
[50438]:من البسيط وهو له والوسوم جمع وسم وهو أثر الكي. والاستفهام للتقرير والمعنى أن جريرا يخبر بأن شعراء كثيرين قد وسمهم بهجائه وهذا على سبيل الاستعارة، والشاهد: يا زهرة اليمن حيث سماه زهرة اليمن على سبيل التهكم متابعة له وحكاية للفظه الآتي. وانظر ديوانه 675 والخصائص 2/461، والبحر المحيط 8/40 والدر المصون 4/820 والحجة للفارسي 2/142 والمسائل العسكرية 94.
[50439]:ونسبه أبو الفتح بن جني في الخصائص إلى بعض اليمانية انظر المرجع السابقة.
[50440]:الرازي 27/252.