الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{ذُقۡ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡكَرِيمُ} (49)

قوله تعالى : " ذق إنك أنت العزيز الكريم " قال ابن الأنباري : أجمعت العوام على كسر " إن " وروي عن الحسن عن علي رحمه الله " ذق أنك " بفتح " أن " ، وبها قرأ الكسائي . فمن كسر " إن " وقف على ذق " . ومن فتحها لم يقف على " ذق " ؛ لأن المعنى ذق لأنك وبأنك أنت العزيز الكريم . قال قتادة : نزلت في أبي جهل وكان قد قال : ما فيها أعز مني ولا أكرم ؛ فلذلك قيل له : " ذق إنك أنت العزيز الكريم " . وقال عكرمة : التقى النبي صلى الله عليه وسلم وأبو جهل فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن الله أمرني أن أقول لك أولى لك فأولى ) فقال : بأي شيء تهددني ! والله ما تستطيع أنت ولا ربك أن تفعلا بي شيئا ، إني لمن أعز هذا الوادي وأكرمه على قومه ، فقتله الله يوم بدر وأذله ونزلت هذه الآية . أي يقول له الملك : ذق إن أنت العزيز الكريم بزعمك . وقيل : هو على معنى الاستخفاف والتوبيخ والاستهزاء والإهانة والتنقيص ، أي قال له : إنك أنت الذليل المهان . وهو كما قال قوم شعيب لشعيب : " إنك لأنت الحليم الرشيد " {[13756]} [ هود : 87 ] يعنون السفيه الجاهل في أحد التأويلات على ما تقدم{[13757]} . وهذا قول سعيد بن جبير .


[13756]:آية 87 سورة هود.
[13757]:راجع ج 9 ص 87.