قوله تعالى : { فإن لم تفعلوا } . أي إذا لم تذروا ما بقي من الربا .
قوله تعالى : { فأذنوا بحرب من الله ورسوله } . قرأ حمزة وعاصم برواية أبي بكر " فآذنوا " بالمد على وزن آمنوا ، أي فأعلموا غيركم أنكم حرب لله ورسوله ، وأصله من الإذن ، أي أوقعوا في الآذان ، وقرأ الآخرون " فأذنوا " مقصوراً بفتح الذال أي فاعلموا أنتم ، وأيقنوا بحرب من الله ورسوله ، وقال سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما : يقال لآكل الربا يوم القيامة خذ سلاحك للحرب ، قال أهل المعاني : حرب الله : النار وحرب رسول الله : السيف .
قوله تعالى : { وإن تبتم } . إن تركتم استحلال الربا ورجعتم عنه .
قوله تعالى : { فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون } . بطلب الزيادة .
قوله تعالى : { ولا تظلمون } . بالنقصان عن رأس المال ، فلما نزلت الآية قال بنو عمرو الثقفي ومن كان يعامل بالربا من غيرهم : بل نتوب إلى الله ، فإنه لا يدان لنا بحرب الله ورسوله ، فرضوا برأس المال ، فشكا بنو المغيرة العسرة وقالوا : أخرونا إلى أن تدرك الغلات فأبوا أن يؤخروا ، فأنزل الله تعالى : { وإن كان ذو عسرة } .
وخاطبهم بالإيمان ، ونهاهم عن أكل الربا إن كانوا مؤمنين ، وهؤلاء هم الذين يقبلون موعظة ربهم وينقادون لأمره ، وأمرهم أن يتقوه ، ومن جملة تقواه أن يذروا ما بقي من الربا أي : المعاملات الحاضرة الموجودة ، وأما ما سلف ، فمن اتعظ عفا الله عنه ما سلف ، وأما من لم ينزجر بموعظة الله ولم يقبل نصيحته فإنه مشاق لربه محارب له ، وهو عاجز ضعيف ليس له يدان في محاربة العزيز الحكيم الذي يمهل للظالم ولا يهمله حتى إذا أخذه ، أخذه أخذ عزيز مقتدر .
{ وإن تبتم } عن الربا { فلكم رءوس أموالكم } أي : انزلوا عليها { لا تظلمون } من عاملتموه بأخذ الزيادة التي هي الربا { ولا تظلمون } بنقص رءوس أموالكم .
ثم هدد الله - تعالى كل من يتعامل بالربا تهديداً عنيفاً فقال : { فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ الله وَرَسُولِهِ } .
أي : فإن لم تتركوا الربا وأخذتم منه شيئاً بعد نهيكم عن ذلك ، فكونوا على علم ويقين بحرب كائنة من الله - تعالى - ورسوله ، ومن حاربه الله ورسوله لا يفلح أبدا .
وقوله : ( فأذنوا ) من أذن بالشيء يأذن إذا علمه . وقرئ ( فآذنوا ) من آذنهن الأمر وآذنه به : أعلمه إياه : أي اعلموا من لم ينته عن الربا بحرب من الله ورسوله .
وتنكير " حرب " للتهويل والتعظيم أي فكونوا على علم ويقين من أن حربا عظيمة ستنزل عليكم من الله وروسله .
قال بعضهم : والمراد المبالغة في التهديد دون نفس الحرب . وقال آخرون : المراد نفس الحرب بمعننى أن الإِصرار على عمل الربا إن كان من شخص وقدر عليه الإِمام قبض عليه وأجرى فيه حكم الله من الحبس والتعزير إلى أن تظهر منه التوبة . وإن وقع ممن يكون له عسر وشوكة ، حاربه الإِمام كما يحارب الفئة الباغية ، وكما حارب أبو بكر الصديق ما نعى الزكاة وقال ابن عباس : من تعامل بالربا يستتاب فإن تاب فبها وإلا ضرب عنقه .
ثم بين - سبحانه - ما يجب عليهم عند توبتهم عن التعامل بالربا فقال : { وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ } .
أي : وإن تبتم عن التعامل بالربا الذي يوجب الحرب عليكم من الله ورسوله ، فلكم رءوس أموالكم أي أصولها بأن تأخوذها ولا تأخذوا سواها ، وبذل كلا تكونون ظالمين لغرمائكم ولا يكونون ظالمين لكم ، لأن من أخذ رأس ماله بدون كان مقسطاً ومتفضلا ، ومن دفع ما عليه بدون إنقاص منه كان صادقا في معاملته .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.