فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{فَإِن لَّمۡ تَفۡعَلُواْ فَأۡذَنُواْ بِحَرۡبٖ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦۖ وَإِن تُبۡتُمۡ فَلَكُمۡ رُءُوسُ أَمۡوَٰلِكُمۡ لَا تَظۡلِمُونَ وَلَا تُظۡلَمُونَ} (279)

فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون 279

( فإن لم تفعلوا ) يعني ما أمرتم به من الاتقاء وترك ما بقي من الربا ( فأذنوا ) قرئ بكسر الذال والمد على وزن آمنوا ومعناه فأعلموا بها غيركم من آذن بالشئ إذا أعلم به ، وقيل هو من الأذن وهو الاستماع لأنه من طرق العلم ، وقرئ بفتح الذال مع القصر ومعناه فاعلموا أنتم وأيقنوا .

( بحرب من الله ورسوله ) قال ابن عباس : يقال لآكل الربا يوم القيامة خذ سلاحك للحرب .

قال أهل المعاني : الحرب هنا السيف ، وقيل المراد بهذه المحاربة المبالغة في الوعيد والتهديد دون نفس الحرب ، وقيل بل نفس الحرب ، وذلك إن كان آكل الربا ذا شوكة لا ينزع عنه فحق على الإمام أن يحاربه ، والأول أولى .

وقد دلت هذه الآية على أن أكل الربا والعمل به من الكبائر ، ولا خلاف في ذلك وتنكير الحرب للتعظيم وزادها تعظيما نسبتها الى اسم الله الأعظم وإلى رسوله الذي هو أشرف خليقته .

( وإن تبتم ) من الربا ( فلكم رؤوس أموالكم ) تأخذونها دون الزيادة ( لا تظلمون ) غرماءكم بأخذ الزيادة مستأنفة أو حال من الكاف في لكم ( ولا تظلمون ) أنتم من قبلهم بالمطل والنقص ، والجملة حالية أو استئنافية ، وفي هذا دليل على أن أموالهم مع عدم التوبة حلال لمن أخذها من الأئمة ونحوهم ممن ينوب عنهم .