السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{فَإِن لَّمۡ تَفۡعَلُواْ فَأۡذَنُواْ بِحَرۡبٖ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦۖ وَإِن تُبۡتُمۡ فَلَكُمۡ رُءُوسُ أَمۡوَٰلِكُمۡ لَا تَظۡلِمُونَ وَلَا تُظۡلَمُونَ} (279)

{ فإن لم تفعلوا } أي : تذروا ما بقي من الربا { فائذنوا } أي : اعلموا ، من أذن بالشيء إذا علم به أي : فاعلموا أنتم وأيقنوا { بحرب من الله ورسوله } لكم .

فإن قيل : هذا حكمهم إن تابوا ، فما حكمهم إن لم يتوبوا ؟ أجيب : بأنّ مقتضى ذلك أنهم يقاتلون إن لم يرجعوا قال سعيد بن جبير : عن ابن عباس : يقال لآكل الربا يوم القيامة : خذ سلاحك للحرب ، قال أهل المعاني : حرب الله تعالى النار وحرب رسوله صلى الله عليه وسلم السيف . وقرأ شعبة وحمزة فآذنوا بفتح الهمزة ومدّها وكسر الذال أي : فأعلموا بها غيركم وهو من الإذن وهو الاستماع لأنه من طريق العلم والباقون بسكون الهمزة وفتح الذال { وإن تبتم } أي : تركتم استحلال الربا ورجعتم عنه { فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون } بطلب الزيادة { ولا تظلمون } بالنقصان عن رأس المال .

فإن قيل : هلا قال تعالى بحرب الله ورسوله ؟ أجيب : بأنّ هذا أبلغ ؛ لأنّ المعنى فأذنوا بنوع من الحرب عظيم من عند الله ورسوله صلى الله عليه وسلم .

ولما نزلت هذه الآية قال المرابون : بل نتوب إلى الله ، فإنه لا ثبات لنا بحرب من الله ورسوله ، فرضوا برأس المال فشكا من عليه الدين العسرة وقال لمن لهم الدين : أخرونا إلى أن تدرك الغلات ، فأبوا أن يؤخروا فأنزل الله تعالى :