معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{ثَمَٰنِيَةَ أَزۡوَٰجٖۖ مِّنَ ٱلضَّأۡنِ ٱثۡنَيۡنِ وَمِنَ ٱلۡمَعۡزِ ٱثۡنَيۡنِۗ قُلۡ ءَآلذَّكَرَيۡنِ حَرَّمَ أَمِ ٱلۡأُنثَيَيۡنِ أَمَّا ٱشۡتَمَلَتۡ عَلَيۡهِ أَرۡحَامُ ٱلۡأُنثَيَيۡنِۖ نَبِّـُٔونِي بِعِلۡمٍ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ} (143)

قوله تعالى : { إنه لكم عدو مبين } ثم بين الحمولة والفرش فقال : { ثمانية أزواج } ، نصبها على البدل من الحمولة والفرش ، أي : وأنشأ من الأنعام ثمانية أزواج أصناف . قوله تعالى : { من الضأن اثنين } أي : الذكر والأنثى ، فالذكر زوج والأنثى زوج ، والعرب تسمي الواحد زوجاً إذا كان لا ينفك عن الآخر ، والضأن النعاج ، وهي ذوات الصوف من الغنم ، والواحد ضائن ، والأنثى ضائنة ، والجمع ضوائن .

قوله تعالى : { ومن المعز اثنين } ، قرأ ابن كثير ، وابن عامر ، وأهل البصرة { من المعز } بفتح العين ، والباقون بسكونها ، والمعز والمعزى جمع لا واحد له من لفظه ، وهي ذوات الشعر من الغنم ، وجمع الماعز معزى ، وجمع الماعزة مواعز .

قوله تعالى : { قل } يا محمد .

قوله تعالى : { آلذكرين حرم } ، الله عليكم ؟ يعني ذكر الضأن والمعز .

قوله تعالى : { أم الأنثيين } ، يعني أنثى الضأن والمعز .

قوله تعالى : { أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين } ، منهما ، فإنها لا تشتمل إلا على ذكر أو أنثى .

قوله تعالى : { نبئوني } ، أخبروني .

قوله تعالى : { بعلم } قال الزجاج : فسروا ما حرمتم بعلم .

قوله تعالى : { إن كنتم صادقين } أن الله تعالى حرم هذا .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{ثَمَٰنِيَةَ أَزۡوَٰجٖۖ مِّنَ ٱلضَّأۡنِ ٱثۡنَيۡنِ وَمِنَ ٱلۡمَعۡزِ ٱثۡنَيۡنِۗ قُلۡ ءَآلذَّكَرَيۡنِ حَرَّمَ أَمِ ٱلۡأُنثَيَيۡنِ أَمَّا ٱشۡتَمَلَتۡ عَلَيۡهِ أَرۡحَامُ ٱلۡأُنثَيَيۡنِۖ نَبِّـُٔونِي بِعِلۡمٍ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ} (143)

وهذه الأنعام التي امتن الله بها على عباده ، وجعلها كلها حلالا طيبا ، فصلها بأنها : { ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ } ذكر وأنثى { وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ } كذلك ، فهذه أربعة ، كلها داخلة فيما أحل الله ، لا فرق بين شيء منها ، فقل لهؤلاء المتكلفين ، الذين يحرمون منها شيئا دون شيء ، أو يحرمون بعضها على الإناث دون الذكور ، ملزما لهم بعدم وجود الفرق بين ما أباحوا منها وحرموا : { آلذَّكَرَيْنِ } من الضأن والمعز { حَرَّمَ } الله ، فلستم تقولون بذلك وتطردونه ، { أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ } حرم الله من الضأن والمعز ، فليس هذا قولكم ، لا تحريم الذكور الخلص ، ولا الإناث الخلص من الصنفين .

بقي إذا كان الرحم مشتملا على ذكر وأنثى ، أو على مجهول فقال : { أَمْ } تحرمون { ما اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ } أي : أنثى الضأن وأنثى المعز ، من غير فرق بين ذكر وأنثى ، فلستم تقولون أيضا بهذا القول .

فإذا كنتم لا تقولون بأحد هذه الأقوال الثلاثة ، التي حصرت الأقسام الممكنة في ذلك ، فإلى أي شيء تذهبون ؟ .

{ نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } في قولكم ودعواكم ، ومن المعلوم أنهم لا يمكنهم أن يقولوا قولا سائغا في العقل ، إلا واحدا من هذه الأمور الثلاثة . وهم لا يقولون بشيء منها . إنما يقولون : إن بعض الأنعام التي يصطلحون عليها اصطلاحات من عند أنفسهم ، حرام على الإناث دون الذكور ، أو محرمة في وقت من الأوقات ، أو نحو ذلك من الأقوال ، التي يعلم علما لا شك فيه أن مصدرها من الجهل المركب ، والعقول المختلة المنحرفة ، والآراء الفاسدة ، وأن الله ، ما أنزل –بما قالوه- من سلطان ، ولا لهم عليه حجة ولا برهان .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{ثَمَٰنِيَةَ أَزۡوَٰجٖۖ مِّنَ ٱلضَّأۡنِ ٱثۡنَيۡنِ وَمِنَ ٱلۡمَعۡزِ ٱثۡنَيۡنِۗ قُلۡ ءَآلذَّكَرَيۡنِ حَرَّمَ أَمِ ٱلۡأُنثَيَيۡنِ أَمَّا ٱشۡتَمَلَتۡ عَلَيۡهِ أَرۡحَامُ ٱلۡأُنثَيَيۡنِۖ نَبِّـُٔونِي بِعِلۡمٍ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ} (143)

ثم بين القرآن بعد ذلك بعض ما كان عليه الجاهليون من جهالات ، وناقشهم فيما أحلوه وحرموه مناقشة منطقية حكيمة فقال :

{ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مَّنَ الضأن اثنين وَمِنَ المعز اثنين } أى . من الضأن زوجين اثنين هما الكبش والنعجة ، { وَمِنَ المعز اثنين } أى . ومن المعز زوجين اثنين هما التيس والعنز .

ثم أمر الله - تعالى - نبيه صلى الله عليه وسلم أن يبكتهم على جهلهم فقال { قُلْ ءَآلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأنثيين أَمَّا اشتملت عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأنثيين } .

أى : قل لهم يا محمد على سبيل التوبيخ وإلزامهم الحجة : أحرم الله الذكرين وحدهما من الضأن والمعز أم الأنثيين وحدهما ، أم الأجنة التى اشتملت عليها أرحام إناث الزوجين كليهما سواء أكانت تلك الأجنة ذكوراً أم إناثا ؟

وقوله : { نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } أى : أخبرونى بأمر معلوم من جهته - تعالى - جاءت به الأنبياء ، يدل على أنه - سبحانه - قد حرم شيئاً مما حرمتموه إن كنتم صادقين فى دعوى التحريم .

والأمر هنا للتعجيز لأنهم لا دليل عندهم من العقل أو النقل على صحة تحريمهم لبعض الأنعام دون بعض .