قوله تعالى : { إنه لكم عدو مبين } ثم بين الحمولة والفرش فقال : { ثمانية أزواج } ، نصبها على البدل من الحمولة والفرش ، أي : وأنشأ من الأنعام ثمانية أزواج أصناف . قوله تعالى : { من الضأن اثنين } أي : الذكر والأنثى ، فالذكر زوج والأنثى زوج ، والعرب تسمي الواحد زوجاً إذا كان لا ينفك عن الآخر ، والضأن النعاج ، وهي ذوات الصوف من الغنم ، والواحد ضائن ، والأنثى ضائنة ، والجمع ضوائن .
قوله تعالى : { ومن المعز اثنين } ، قرأ ابن كثير ، وابن عامر ، وأهل البصرة { من المعز } بفتح العين ، والباقون بسكونها ، والمعز والمعزى جمع لا واحد له من لفظه ، وهي ذوات الشعر من الغنم ، وجمع الماعز معزى ، وجمع الماعزة مواعز .
قوله تعالى : { آلذكرين حرم } ، الله عليكم ؟ يعني ذكر الضأن والمعز .
قوله تعالى : { أم الأنثيين } ، يعني أنثى الضأن والمعز .
قوله تعالى : { أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين } ، منهما ، فإنها لا تشتمل إلا على ذكر أو أنثى .
قوله تعالى : { نبئوني } ، أخبروني .
وهذه الأنعام التي امتن الله بها على عباده ، وجعلها كلها حلالا طيبا ، فصلها بأنها : { ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ } ذكر وأنثى { وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ } كذلك ، فهذه أربعة ، كلها داخلة فيما أحل الله ، لا فرق بين شيء منها ، فقل لهؤلاء المتكلفين ، الذين يحرمون منها شيئا دون شيء ، أو يحرمون بعضها على الإناث دون الذكور ، ملزما لهم بعدم وجود الفرق بين ما أباحوا منها وحرموا : { آلذَّكَرَيْنِ } من الضأن والمعز { حَرَّمَ } الله ، فلستم تقولون بذلك وتطردونه ، { أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ } حرم الله من الضأن والمعز ، فليس هذا قولكم ، لا تحريم الذكور الخلص ، ولا الإناث الخلص من الصنفين .
بقي إذا كان الرحم مشتملا على ذكر وأنثى ، أو على مجهول فقال : { أَمْ } تحرمون { ما اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ } أي : أنثى الضأن وأنثى المعز ، من غير فرق بين ذكر وأنثى ، فلستم تقولون أيضا بهذا القول .
فإذا كنتم لا تقولون بأحد هذه الأقوال الثلاثة ، التي حصرت الأقسام الممكنة في ذلك ، فإلى أي شيء تذهبون ؟ .
{ نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } في قولكم ودعواكم ، ومن المعلوم أنهم لا يمكنهم أن يقولوا قولا سائغا في العقل ، إلا واحدا من هذه الأمور الثلاثة . وهم لا يقولون بشيء منها . إنما يقولون : إن بعض الأنعام التي يصطلحون عليها اصطلاحات من عند أنفسهم ، حرام على الإناث دون الذكور ، أو محرمة في وقت من الأوقات ، أو نحو ذلك من الأقوال ، التي يعلم علما لا شك فيه أن مصدرها من الجهل المركب ، والعقول المختلة المنحرفة ، والآراء الفاسدة ، وأن الله ، ما أنزل –بما قالوه- من سلطان ، ولا لهم عليه حجة ولا برهان .
ثم بين القرآن بعد ذلك بعض ما كان عليه الجاهليون من جهالات ، وناقشهم فيما أحلوه وحرموه مناقشة منطقية حكيمة فقال :
{ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مَّنَ الضأن اثنين وَمِنَ المعز اثنين } أى . من الضأن زوجين اثنين هما الكبش والنعجة ، { وَمِنَ المعز اثنين } أى . ومن المعز زوجين اثنين هما التيس والعنز .
ثم أمر الله - تعالى - نبيه صلى الله عليه وسلم أن يبكتهم على جهلهم فقال { قُلْ ءَآلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأنثيين أَمَّا اشتملت عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأنثيين } .
أى : قل لهم يا محمد على سبيل التوبيخ وإلزامهم الحجة : أحرم الله الذكرين وحدهما من الضأن والمعز أم الأنثيين وحدهما ، أم الأجنة التى اشتملت عليها أرحام إناث الزوجين كليهما سواء أكانت تلك الأجنة ذكوراً أم إناثا ؟
وقوله : { نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } أى : أخبرونى بأمر معلوم من جهته - تعالى - جاءت به الأنبياء ، يدل على أنه - سبحانه - قد حرم شيئاً مما حرمتموه إن كنتم صادقين فى دعوى التحريم .
والأمر هنا للتعجيز لأنهم لا دليل عندهم من العقل أو النقل على صحة تحريمهم لبعض الأنعام دون بعض .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.