بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{ثَمَٰنِيَةَ أَزۡوَٰجٖۖ مِّنَ ٱلضَّأۡنِ ٱثۡنَيۡنِ وَمِنَ ٱلۡمَعۡزِ ٱثۡنَيۡنِۗ قُلۡ ءَآلذَّكَرَيۡنِ حَرَّمَ أَمِ ٱلۡأُنثَيَيۡنِ أَمَّا ٱشۡتَمَلَتۡ عَلَيۡهِ أَرۡحَامُ ٱلۡأُنثَيَيۡنِۖ نَبِّـُٔونِي بِعِلۡمٍ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ} (143)

ثم قال : { ثمانية أزواج } يعني : ثمانية أفراد لكم : يقال لكل فرد معه آخر زوج يقول : خلقت لكم ثمانية أصناف . ويقال : كلوا مما رزقكم الله ثمانية أزواج نزلت الآية في مالك بن عوف وأصحابه حيث قالوا : { ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا } . ففي هذه الآية دليل إثبات المناظرة في العلم ، لأن الله تعالى أمر النبي صلى الله عليه وسلم بأن يناظرهم ويبيّن فساد قولهم . وفيها إثبات القول بالنظر والقياس ، وفيها دليل أن القياس إذا ورد عليه النص بطل القول به ، ويروى إذا ورد عليه النقض لأن الله تعالى أمرهم بالمقايسة الصحيحة ، وأمرهم بطرد علّتهم ، وأمرهم بأن يثبتوا وجه الحرمة إن كان سبب الحرمة الأنوثة والذكورة أو اشتمال الرحم . فإن كان سبب الحرمة الأنوثة ينبغي أن يكون كل أنثى حراماً لوجود العلة . وإن كان سبب الحرمة الذكورة ينبغي أن يكون كل ذكر حراماً لوجود العلة وإن كان محرماً لاشتمال الرحم وقد حرم الأولاد كلها ووجهت حرمتها لوجود العلة فيها فبّين انتقاض علتهم وفساد قولهم ، وذلك قوله : { ثمانية أزواج } يعني : ثمانية أصناف { مّنَ الضأن اثنين } يعني : قولهم وذلك قوله : { وَمِنَ المعز اثنين } يعني : الذكر والأنثى { قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأنثيين } يعني : قل لهم من أين جاء هذا التحريم من قبل الذكرين حُرِّمَ أم من قبل الأُنثيين ؟ { أَمَّا اشتملت عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأنثيين } يعني : أم من قبل اشتمال الرحم فإنها لا تشتمل إلا على الذكر والأنثى .

{ نَبّئُونِي بِعِلْمٍ } يعني : أخبروني بسبب التحريم { إِن كُنتُمْ صادقين } أن الله حرم ما تقولون .