نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{ثَمَٰنِيَةَ أَزۡوَٰجٖۖ مِّنَ ٱلضَّأۡنِ ٱثۡنَيۡنِ وَمِنَ ٱلۡمَعۡزِ ٱثۡنَيۡنِۗ قُلۡ ءَآلذَّكَرَيۡنِ حَرَّمَ أَمِ ٱلۡأُنثَيَيۡنِ أَمَّا ٱشۡتَمَلَتۡ عَلَيۡهِ أَرۡحَامُ ٱلۡأُنثَيَيۡنِۖ نَبِّـُٔونِي بِعِلۡمٍ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ} (143)

ولما رد دين المشركين وأثبت دينه ، وكانوا قد فصلوا الحرمة بالنسبة إلى ذكور الآدمي وإناثه ، ألزمهم تفصيلها بالنسبة إلى ذكور الأنعام وإناثه ، ففصل أمرها في أسلوب أبان فيه {[31424]} أن فعلهم رث{[31425]} القوى هلهل النسيج{[31426]} بعيد من قانون الحكمة ، فهو موضع للاستهزاء وأهل للتهكم ، فقال بياناً ل { حمولة وفرشاً } { ثمانية أزواج } أي أصناف ، لا يكمل صنف منها إلا بالآخر ، أنشأها بزواج{[31427]} كل من الذكر والأنثى الآخر ، و{[31428]} لحق بتسميتهم{[31429]} الفرد بالزوج - بشرط أن يكون آخر من جنسه - تسميتهم الزجاجة كأساً بشرط أن يكون فيها خمر .

ولما كان الزوج يطلق على الاثنين وعلى ما معه آخر من نوعه ، قال مبيناً أن هذا هو المراد{[31430]} لا الاثنان{[31431]} مفصلاً لهذه الثمانية : { من الضأن } جمع ضائن وضائنة كصاحب وصحب { اثنين } أي ذكراً وأنثى كبشاً ونعجة { ومن المعز } جمع ماعز وماعزة كخادم وخدم في قراءة ابن كثير وأبي عمرو وابن عامر ، وتاجر وتجر في قراءة غيرهم{[31432]} { اثنين } أي زوجين ذكراً وأنثى تيساً وعنزاً .

ولما كان كأنه قيل : ما المراد بهذا التفصيل قبل سؤالهم عن دينهم ، قال{[31433]} : { قل } أي لهم مستفهماً ؛ ولما كان هذا الاستفهام بمعنى التوبيخ والتهكم والإنكار ، أتى فيه ب " ام " التي هي مع الهمزة قبلها بمعنى " أيّ " ليتفهم بها عما يعلم ثبوت بعضه وإنما يطلب تعيينه ، فقال معترضاً بين المعدودات تأكيداً للتوبيخ ، لأن الاعتراضات لا تساق إلاّ للتأكيد : { ءآلذكرين } .

ولما كان المستفهم عنه بنصبه ما بعده لا ما قبله ، قال{[31434]} : { حرم } أي{[31435]} الله ، فإن كان كذلك لزمكم تحريم جميع الذكور{[31436]} { أم الأنثيين } ليلزمكم{[31437]} تحريم جميع{[31438]} الإناث ، واستوعب{[31439]} جميع ما يفرض من سائر الأقسام في قوله : { أما } أي أم حرم ما { اشتملت } أي انضمت { عليه } وحملته { أرحام الأنثيين } أي من الذكور والإناث ، ومتى كان كذلك لزمكم تحريم الكل فلم تلزموا{[31440]} شيئاً مما أوجبه هذا التقسيم فلم تمشوا على نظام .

ولما علم أنه لا نظام لهم فعلم أنهم{[31441]} جديرون بالتوبيخ ، زاد في توبيخهم فقال : { نبئوني } أي أخبروني عما حرم الله من هذا إخباراً جليلاً عظيماً ؛ ولما كان هذا الإخبار الموصوف لا يكون بشيء فيه{[31442]} شك ، قال : { بعلم } أي أمر معلوم من جهة الله لا مطعن فيه { إن كنتم صادقين } أي إن كان لكم{[31443]} هذا الوصف .


[31424]:من ظ، وفي الأصل: منها.
[31425]:في ظ: رب- كذا.
[31426]:من ظ، وفي الأصل: الشبح.
[31427]:من ظ، وفي الأصل: يراوح.
[31428]:في ظ: نحو تسميتهم.
[31429]:في ظ: نحو تسميتهم.
[31430]:تأخر ما بين الرقمين في ظ عن "ذكر وأنثى.
[31431]:تأخر ما بين الرقمين في ظ عن "ذكر وأنثى.
[31432]:في ظ: غيره.
[31433]:زيد لاستقامة العبارة.
[31434]:سقط من ظ.
[31435]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[31436]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[31437]:من ظ، وفي الأصل: لتلزمكم.
[31438]:سقط من ظ.
[31439]:في ظ: استوجب.
[31440]:في ظ: فلم تلتزموا.
[31441]:من ظ، وفي الأصل: إن.
[31442]:سقط من ظ.
[31443]:سقط من ظ.