معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُۥ نَاجٖ مِّنۡهُمَا ٱذۡكُرۡنِي عِندَ رَبِّكَ فَأَنسَىٰهُ ٱلشَّيۡطَٰنُ ذِكۡرَ رَبِّهِۦ فَلَبِثَ فِي ٱلسِّجۡنِ بِضۡعَ سِنِينَ} (42)

قوله تعالى : { وقال } ، يعني : يوسف عند ذلك ، { للذي ظن } ، علم { أنه ناج منهما } ، وهو الساقي ، { اذكرني عند ربك } ، يعني : سيدك الملك ، وقل له : إن في السجن غلاما محبوسا ظلما طال حبسه ، { فأنساه الشيطان ذكر ربه } ، قيل : أنسى الشيطان الساقي ذكر يوسف للملك ، تقديره : فأنساه الشيطان ذكره لربه . قال ابن عباس وعليه الأكثرون : أنسى الشيطان يوسف ذكر ربه حين ابتغى الفرج ، من غيره واستعان بمخلوق ، وتلك غفلة عرضت ليوسف من الشيطان { فلبث } ، فمكث ، { في السجن بضع سنين } ، واختلفوا في معنى البضع ، فقال مجاهد : ما بين الثلاث إلى السبع . وقال قتادة : ما بين الثلاث إلى التسع . وقال ابن عباس : ما دون العشرة . وأكثر المفسرين على أن البضع في هذه الآية سبع سنين ، وكان قد لبث قبله خمس سنين فجملته اثنتا عشرة سنة . قال وهب : أصاب أيوب البلاء سبع سنين ، وترك يوسف في السجن سبع سنين ، وعذب بختنصر فحول في السباع سبع سنين . قال مالك بن دينار : لما قال يوسف للساقي اذكرني عند ربك ، قيل له : يا يوسف اتخذت من دوني وكيلا ؟ لأطيلن حبسك ، فبكى يوسف ، وقال : يا رب أنسى قلبي كثرة البلوى فقلت كلمة ولن أعود . وقال الحسن : دخل جبريل على يوسف في السجن ، فلما رآه يوسف عرفه فقال له : يا أخا المنذرين مالي أراك بين الخاطئين ؟ فقال له جبريل : يا طاهر الطاهرين يقرأ عليك السلام رب العالمين ، ويقول لك : أما استحييت مني أن استشفعت بالآدميين ، فوعزتي لألبثنك في السجن بضع سنين ، فقال يوسف : وهو في ذلك عني راض ؟ قال : نعم ، قال : إذا لا أبالي . وقال كعب : قال جبريل ليوسف إن الله تعالى يقول من خلقك ؟ قال : الله ، قال : فمن حببك إلى أبيك ، قال : الله ، قال : فمن نجاك من كرب البئر ؟ قال : الله ، قال : فمن علمك تأويل الرؤيا ؟ قال : الله ، قال : فمن صرف عنك السوء والفحشاء ؟ قال : الله ، قال : فكيف استشفعت بآدمي مثلك ؟ .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُۥ نَاجٖ مِّنۡهُمَا ٱذۡكُرۡنِي عِندَ رَبِّكَ فَأَنسَىٰهُ ٱلشَّيۡطَٰنُ ذِكۡرَ رَبِّهِۦ فَلَبِثَ فِي ٱلسِّجۡنِ بِضۡعَ سِنِينَ} (42)

{ 42 } { وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ }

أي : { وَقَالَ } يوسف عليه السلام : { لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا } وهو : الذي رأى أنه يعصر خمرا : { اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ } أي : اذكر له شأني وقصتي ، لعله يرقُّ لي ، فيخرجني مما أنا فيه ، { فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ } أي : فأنسى الشيطان ذلك الناجي ذكر الله تعالى ، وذكر ما يقرب إليه ، ومن جملة ذلك نسيانه ذكر يوسف الذي يستحق أن يجازى بأتم الإحسان ، وذلك ليتم الله أمره وقضاءه .

{ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ } والبضع من الثلاث إلى التسع ، ولهذا قيل : إنه لبث سبع سنين ، ولما أراد الله أن يتم أمره ، ويأذن بإخراج يوسف من السجن ، قدر لذلك سببا لإخراج يوسف وارتفاع شأنه وإعلاء قدره ، وهو رؤيا الملك .