تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُۥ نَاجٖ مِّنۡهُمَا ٱذۡكُرۡنِي عِندَ رَبِّكَ فَأَنسَىٰهُ ٱلشَّيۡطَٰنُ ذِكۡرَ رَبِّهِۦ فَلَبِثَ فِي ٱلسِّجۡنِ بِضۡعَ سِنِينَ} (42)

{ وقال } يوسف { للذي ظن أنه ناج منهما } من القتل إضمار ، وهو الساقي : { اذكرني عند ربك } ، يعنى : سيدك ، فإنه يسرني أن يخرجني من السجن ، يقول الله : { فأنساه الشيطان ذكر ربه } ، يعنى يوسف : دعاء ربه ، فلم يدع يوسف ربه الذي في السماء ليخرجه من السجن ، واستغاث بعبد مثله ، يعنى : الملك ، فأقره الله في السجن عقوبة حين رجا أن يخرجه غير الله عز وجل ، فذلك قوله : { فلبث في السجن بضع سنين } ، آية ، يعنى : خمس سنين حتى رأى الملك الرؤيا ، وكان في السجن قبل ذلك سبع سنين ، وعوقب ببضع سنين ، يعنى خمس سنين ، فكان في السجن اثنتا عشر سنة ، فذلك قوله : { ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننه حتى حين } [ يوسف :35 ] .

وقال النبي صلى الله عليه وسلم : "لو أن يوسف ذكر ربه ، ولم يستغث بالملك ، لم يلبث في السجن بضع سنين ، ولخرج من يومه ذاك" ، قال : وأتى جبريل يوسف حين استغاث بالملك وترك دعاء ربه ، فقال له : إن الله يقول لك : يا ابن يعقوب ، من حببك إلى أبيك وأنت أصغرهم ؟ قال : أنت يا إلهي ، قال : إن الله يقول : من عصمك من الخطيئة وقد هممت بها ؟ قال : أنت يا إلهي ، قال : فكيف تركتني واستغثت بعبد مثلك ؟ فلما سمع يوسف ذكر الخطيئة ، قال : يا إلهي ، إن كان خلق وجهي عندك من أجل خطيئتي ، فأسألك بوجه أبي وجدي أن تغفر لي خطيئتي .