{ وَقَالَ } يوسف عند ذلك ، { لِلَّذِي ظَنَّ } علم ، { أَنَّهُ نَاجٍ مِّنْهُمَا } وهو الساقي ، هذا قول أكثر المفسّرين ، وفسّره قتادة على الظن الذي هو خلاف اليقين ، وقال : إنّما عبارة الرؤيا بالظنّ ويخلق الله ما يشاء ، والقول الأوّل أولى وأشبه بحال الأنبياء ، { اذْكُرْنِي عِندَ رَبِّكَ } سيّدك يعني الملك ، وقيل له : إنّ في السجن غلاماً محبوساً ظُلماً { فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ } يعني أنسى الشيطان يوسف ذكر ربه عزّ وجل حتى ابتغى الفرج من غيره واستعان بالمخلوق ، وتلك غفلة عرضت ليوسف من قبل الشيطان ، ونسي لهذا ربّه عزّ وجلّ الذي لو به استغاث لأسرع خلاصه ولكنّه [ غفل ] وطال من أجلها حبسه .
وقال محمد بن إسحاق : الهاء راجعة في قوله { فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ } إلى الساقي فنقول : أنسى الشيطان الساقي ذكر يوسف للملك وعلى هذا القول يكون معنى الآية : فأنساه الشيطانُ ذكره لربه كقوله : خوف
{ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ } [ آل عمران : 175 ] أي يخوّفكم بأوليائه .
{ فَلَبِثَ } مكث ، { فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ } اختلف العُلماء في معنى بضع فقال أبو عُبيدة : هو ما بين الثلاثة إلى الخسمة ، ومجاهد : ما بين الثلاث إلى التسع ، الأصمعي : ما بين الثلاث إلى التسع ، وابن عباس : ما دون العشرة ، وزعم الفرّاء أنّ البضع لا يذكر إلاّ مع العشرة والعشرين إلى التسعين ، وهو نيف ما بين الثلاثة إلى التسعة ، وقال : كذلك رأيتُ العرب تعمل ولا يقولون : بضع ومائة ولا بضع وألف ، وإذا كانت للذكران قيل : بضعة ، وأكثر المفسّرين على أنّ البضع في هذه الآية سبع سنين ، قال وهب : أصاب أيوب ( عليه السلام ) البلاء سبع سنين ، وتُرك يوسف في السجن سبع سنين ، وعذّب بخت نصّر فحُوِّل في السباع سبع سنين .
روى يونس عن الحسن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " رحم الله يوسف ، لولا كلمته ما لبث في السجن طول ما لبث " ، يعني قوله : { اذْكُرْنِي عِندَ رَبِّكَ } قال : ثمّ بكى الحسن وقال : نحن إذا نزل بنا أمر نزعنا إلى الناس ، وقال مالك بن دينار : لما قال يوسف للساقي : اذكرني عند ربّك ، قيل له : يا يوسف اتّخذتَ من دوني وكيلا لأطيلنّ حبسك ، فبكى يوسف ( عليه السلام ) قال : يا ربّ إننّي رابني كثرة الطوى فقلت كلمة ، فويلٌ لأخوتي .
وحُكي أنّ جبرئيل دخل على يوسف ( عليهما السلام ) ، فلمّا رآه يوسف عرفه وقال : يا أخا المنذرين ما لي أراك بين الخاطئين ؟ ، ثمّ قال له جبرئيل : يا طاهر الطاهرين ، يقرأ عليك السلام ربّ العالمين ويقول : مالَكَ ؟ أما استحييت منّي إذ استغثت بالآدميين ؟ ، فوعزّتي لألبثنّك في السجن بضع سنين ، قال يوسف : وهو في ذلك عليّ راض ؟ قال : نعم ، قال إذاً لا أُبالي .
وقال كعب : قال جبرئيل ليوسف : إنّ الله تعالى يقول : من خلقك ؟ قال : الله ، قال : فمن حبّبكَ إلى أبيك ؟ قال : الله ، قال فمن أنيسك في البئر إذ دخلته عريان ؟ قال : الله ، قال : فمن نجّاك من كُرب البئر ؟ قال : الله ، قال : فمن علّمك تأويل الرؤيا ؟ قال : الله ، قال فكيف استشفعت بآدمي مثلك ؟
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.