بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُۥ نَاجٖ مِّنۡهُمَا ٱذۡكُرۡنِي عِندَ رَبِّكَ فَأَنسَىٰهُ ٱلشَّيۡطَٰنُ ذِكۡرَ رَبِّهِۦ فَلَبِثَ فِي ٱلسِّجۡنِ بِضۡعَ سِنِينَ} (42)

قوله تعالى : { وَقَالَ لِلَّذِى ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مّنْهُمَا } يعني : قال يوسف عليه السلام للذي علم أنه ينجو من السجن والقتل ، وهو الساقي { اذكرنى عِندَ رَبّكَ } قال يوسف للساقي : إذا دعاك الملك ، وسقيته ، فاذكرني عنده إني مظلوم قد عدا عليّ إخوتي فباعوني . { فَأَنْسَاهُ الشيطان ذِكْرَ رَبّهِ } يعني : أنسى الشيطان يوسف أن يستغيث بالله ، فاستغاث بالملك ، وقال الفراء : أنسى الشيطان الساقي أن يذكر يوسف عند الملك . وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله تعالى : { فَأَنْسَاهُ الشيطان } قال : هو يوسف . أنساه الشيطان ذكر ربه ، وأمره بذكر الملك ، وابتغى الفرج من عنده { فَلَبِثَ فِى السجن بِضْعَ سِنِينَ } بقوله : { اذكرنى عِندَ رَبّكَ } .

وروى معمر عن قتادة أنه قال : بلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « لَوْ لَمْ يَسْتَعِنْ يُوسُفُ عَلَى رَبِّهِ ، لَمَا لَبِثَ فِي السِّجْنِ طُولَ مَا لَبِثَ » . وروي عن أبي عبيدة أنه قال : البضع ما دون نصف العقد . يعني : من واحد إلى أربعة . وقال الأصمعي : ما بين الثلاث إلى التسع . هكذا قال قطرب ، والسدي . وروى منصور عن مجاهد قال : البضع ما بين الثلاث إلى التسع . وذكر عبد العزيز بن عمير الكندي ، أن يوسف رأى جبريل في السجن . فقال له : يا أبا المنذرين ، ما لي أراك بين الخاطئين ؟ فقال له جبريل : يا طاهر الطاهرين ، رب العزة يُقْرِئُكَ السلام ، ويقول : أما استحيت مني إذ استغثت بالآدميين ، فبعزتي لألبثنك في السجن بضع سنين . قال بعضهم : يعني سبع سنين ، سوى الخمس الذي مكث فيه . وذلك اثنتا عشرة سنة . وقال بعضهم : جميع ما أقام فيه سبع سنين . وقال بعضهم : ثماني عشرة سنة . وقال بعضهم : إن الملك رأى في المنام ، واسم الملك ريان بن الوليد فذلك قوله تعالى : { وَقَالَ الملك إِنّى أرى }