معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَلَئِنۡ أَذَقۡنَٰهُ رَحۡمَةٗ مِّنَّا مِنۢ بَعۡدِ ضَرَّآءَ مَسَّتۡهُ لَيَقُولَنَّ هَٰذَا لِي وَمَآ أَظُنُّ ٱلسَّاعَةَ قَآئِمَةٗ وَلَئِن رُّجِعۡتُ إِلَىٰ رَبِّيٓ إِنَّ لِي عِندَهُۥ لَلۡحُسۡنَىٰۚ فَلَنُنَبِّئَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِمَا عَمِلُواْ وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنۡ عَذَابٍ غَلِيظٖ} (50)

قوله تعالى : { ولئن أذقناه رحمةً منا } آتيناه خيراً وعافية وغنى ، { من بعد ضراء مسته } من بعد شدة وبلاء أصابته ، { ليقولن هذا لي } أي : بعملي وأنا محبوب بهذا . { وما أظن الساعة قائمةً ولئن رجعت إلى ربي إن لي عنده للحسنى } يقول هذا الكافر : لست على يقين من البعث ، فإن كان الأمر على ذلك ، ورددت إلى ربي إن لي عنده للحسنى ، أي : الجنة ، أي : كما أعطاني في الدنيا سيعطيني في الآخرة . { فلننبئن الذين كفروا بما عملوا } قال ابن عباس رضي الله عنهما : لنقفنهم على مساوئ أعمالهم . { ولنذيقنهم من عذاب غليظ }

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَلَئِنۡ أَذَقۡنَٰهُ رَحۡمَةٗ مِّنَّا مِنۢ بَعۡدِ ضَرَّآءَ مَسَّتۡهُ لَيَقُولَنَّ هَٰذَا لِي وَمَآ أَظُنُّ ٱلسَّاعَةَ قَآئِمَةٗ وَلَئِن رُّجِعۡتُ إِلَىٰ رَبِّيٓ إِنَّ لِي عِندَهُۥ لَلۡحُسۡنَىٰۚ فَلَنُنَبِّئَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِمَا عَمِلُواْ وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنۡ عَذَابٍ غَلِيظٖ} (50)

ثم بين - سبحانه - حالة أخرى من حالات هذا الإِنسان فقال { وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِّنَّا مِن بَعْدِ ضَرَّآءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هذا لِي وَمَآ أَظُنُّ الساعة قَآئِمَةً وَلَئِن رُّجِعْتُ إلى ربي إِنَّ لِي عِندَهُ للحسنى . . . } .

أى : ولئن أعطينا هذا الإِنسان الجحود نعمة منا تتعلق بالمال أو بالصحة أو بغيرهما ، من بعد أن كان فقيرا أو مريضا . . ليقولن على سبيل الغرور والبطر : هذا الذى أعطيته شئ استحقه ، لأنه جاءنى بسبب جهدى وعلمى .

ثم يضيف إلى ذلك قوله : { وَمَآ أَظُنُّ الساعة قَآئِمَةً } أى : وما أعتقد أن هناك بعثا أو حسابا أو جزاء .

{ وَلَئِن رُّجِعْتُ إلى ربي } على سبيل الغرض والتقدير { إِنَّ لِي عِندَهُ للحسنى } أى إن لى عنده ما هو أحسن وأفضل مما أنا فيه من نعم فى الدنيا .

وقوله - تعالى - { فَلَنُنَبِّئَنَّ الذين كَفَرُواْ بِمَا عَمِلُواْ وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ } بيان للعاقبة السيئة التى يكون عليها هذا الإِنسانت الجاحد .

أى : فلنعلمن هؤلاء الكافرين بأعمالهم السيئة ، ولنرينهم عكس ما اعتقدوا بأن ننزل بهم الذل والهوان بدل الكرامة والحسنى التى أيقنوا أنهم سيحصلون عليها ، ولنذيقنهم عذابا غليظا ، لا يمكنهم الفكاك منه أو التفصى عنه لشدته وإحاطته بهم من كل جانب ، فهو كالوثاق الغليظ الذى لا يمكن للإِنسان أن يخرج منه .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَلَئِنۡ أَذَقۡنَٰهُ رَحۡمَةٗ مِّنَّا مِنۢ بَعۡدِ ضَرَّآءَ مَسَّتۡهُ لَيَقُولَنَّ هَٰذَا لِي وَمَآ أَظُنُّ ٱلسَّاعَةَ قَآئِمَةٗ وَلَئِن رُّجِعۡتُ إِلَىٰ رَبِّيٓ إِنَّ لِي عِندَهُۥ لَلۡحُسۡنَىٰۚ فَلَنُنَبِّئَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِمَا عَمِلُواْ وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنۡ عَذَابٍ غَلِيظٖ} (50)

37

وهذا الإنسان إذا أذاقه الله منه رحمة بعد ذلك الضر ، استخفته النعمة فنسي الشكر ؛ واستطاره الرخاء فغفل عن مصدره . وقال : هذا لي . نلته باستحقاقي وهو دائم علي ! ونسي الآخرة واستبعد أن تكون ( وما أظن الساعة قائمة ) . . وانتفخ في عين نفسه فراح يتألى على الله ، ويحسب لنفسه مقاماً عنده ليس له ، وهو ينكر الآخرة فيكفر بالله . ومع هذا يظن أنه لو رجع إليه كانت له وجاهته عنده ! ( ولئن رجعت إلى ربي إن لي

عنده للحسنى ) ! وهو غرور . . عندئذ يجيء التهديد في موضعه لهذا الغرور :

( فلننبئن الذين كفروا بما عملوا ، ولنذيقنهم من عذاب غليظ ) . .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَلَئِنۡ أَذَقۡنَٰهُ رَحۡمَةٗ مِّنَّا مِنۢ بَعۡدِ ضَرَّآءَ مَسَّتۡهُ لَيَقُولَنَّ هَٰذَا لِي وَمَآ أَظُنُّ ٱلسَّاعَةَ قَآئِمَةٗ وَلَئِن رُّجِعۡتُ إِلَىٰ رَبِّيٓ إِنَّ لِي عِندَهُۥ لَلۡحُسۡنَىٰۚ فَلَنُنَبِّئَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِمَا عَمِلُواْ وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنۡ عَذَابٍ غَلِيظٖ} (50)

القول في تأويل قوله تعالى :

وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مّنّا مِن بَعْدِ ضَرّآءَ مَسّتْهُ لَيَقُولَنّ هََذَا لِي وَمَآ أَظُنّ السّاعَةَ قَآئِمَةً وَلَئِن رّجّعْتُ إِلَىَ رَبّيَ إِنّ لِي عِندَهُ لَلْحُسْنَىَ فَلَنُنَبّئَنّ الّذِينَ كَفَرُواْ بِمَا عَمِلُواْ وَلَنُذِيقَنّهُمْ مّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ

يقول تعالى ذكره : ولئن نحن كشفنا عن هذا الكافر ما أصابه من سقم في نفسه وضرّ ، وشدّة في معيشته وجهد ، رحمة منا ، فوهبنا له العافية في نفسه بعد السقم ، ورزقناه مالاً ، فوسّعنا عليه في معيشته من بعد الجهد والضرّ لَيَقُولَنّ هَذَا لي عند الله ، لأن الله راضٍ عني برضاه عملي ، وما أنا عليه مقيم ، كما :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحرث ، قال : حدثنا الحسن قال : حدثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد لَيَقُولَنّ هَذَا لي : أي بعملي ، وأنا محقوق بهذا وَما أظُنّ السّاعَةَ قائمَةً يقول : وما أحسب القيامة قائمة يوم تقوم وَلَئِنَ رّجِعْتُ إلى رَبيّ يقول : وإن قامت أيضاً القيامة ، ورددت إلى الله حياً بعد مماتي إنّ لي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى يقول : إن لي عنده غنىً ومالاً . كما :

حدثنا محمد ، قال : حدثنا أحمد ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ ، في قوله : إنّ لي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى يقول : غنى فَلَنُنَبّئَنّ الّذِينَ كَفَرُوا بِما عَمِلُوا يقول تعالى ذكره : فلنخبرنّ هؤلاء الكفار بالله ، المتمنين عليه الأباطيل يوم يرجعون إليه بما عملوا في الدنيا من المعاصي ، واجترحوا من السيئات ، ثم لنجازينّ جميعهم على ذلك جزاءهم وَلَنُذِيقَنّهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ وذلك العذاب الغليظ تخليدهم في نار جهنم ، لا يموتون فيها ولا يحيون .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَلَئِنۡ أَذَقۡنَٰهُ رَحۡمَةٗ مِّنَّا مِنۢ بَعۡدِ ضَرَّآءَ مَسَّتۡهُ لَيَقُولَنَّ هَٰذَا لِي وَمَآ أَظُنُّ ٱلسَّاعَةَ قَآئِمَةٗ وَلَئِن رُّجِعۡتُ إِلَىٰ رَبِّيٓ إِنَّ لِي عِندَهُۥ لَلۡحُسۡنَىٰۚ فَلَنُنَبِّئَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِمَا عَمِلُواْ وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنۡ عَذَابٍ غَلِيظٖ} (50)

{ ولئن أذقناه رحمة منا من بعد ضراء مسته } بتفريجها عنه . { ليقولن هذا لي } حقي أستحقه لمالي من الفضل والعمل ، أولي دائما لا يزول . { وما أظن الساعة قائمة } تقوم . { ولئن رجعت إلى ربي إن لي عنده للحسنى } أي ولئن قامت على التوهم كان لي عند الله الحالة الحسنى من الكرامة ، وذلك لاعتقاده أن ما أصابه من نعم الدنيا فلاستحقاق لا ينفك عنه . { فلننبئن الذين كفروا } فلنخبرنهم . { بما عملوا } بحقيقة أعمالهم ولنبصرنهم عكس ما اعتقدوا فيها . { ولنذيقنهم من عذاب غليظ } لا يمكنهم التقصي عنه .