معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{أَوۡ يَأۡخُذَهُمۡ عَلَىٰ تَخَوُّفٖ فَإِنَّ رَبَّكُمۡ لَرَءُوفٞ رَّحِيمٌ} (47)

قوله تعالى : { أو يأخذهم على تخوف } ، والتخوف : النقص ، أي : ينقص من أطرافهم ونواحيهم شيئا بعد شيء حتى يهلك جميعهم ، يقال : تخوفه الدهر وتخونه : إذا نقصه وأخذ ماله وحشمه . ويقال : هذا لغة بني هذيل . وقال الضحاك والكلبي : هو من الخوف أي : يعذب طائفة فيتخوف الآخرون أن يصيبهم مثل ما أصابهم . { فإن ربكم لرؤوف رحيم } ، حين لم يعجل بالعقوبة .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{أَوۡ يَأۡخُذَهُمۡ عَلَىٰ تَخَوُّفٖ فَإِنَّ رَبَّكُمۡ لَرَءُوفٞ رَّحِيمٌ} (47)

وقوله - سبحانه - : { أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ } .

قال بعض العلماء : " والتخوف فى اللغة يأتى مصدر تخوف القاصر ، بمعنى خاف ، ويأتى مصدر تخوف المتعدى بمعنى تنقص . وهذا الثانى لغة هذيل ، وهى من اللغات الفصيحة التى جاء بها القرآن " .

والمعنى على الأول : أو يأخذهم وهم فى حالة خوف وتوقع لنزول العذاب بهم ، كما نزل بالذين من قبلهم .

وإلى هذا المعنى أشار ابن كثير بقوله : " وقوله : { أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ } . أى : أو يأخذهم الله - تعالى - فى حال خوفهم من أخذه لهم ، فإنه يكون أبلغ وأشد حالات الأخذ ، فإن حصول ما يتوقع مع الخوف شديد . . . " .

والمعنى على الثانى : أو يأخذهم وهم فى حالة تنقص فى أنفسهم وأموالهم وأولادهم حتى يهلكوا ، فيكون هلاكهم قد سبقه الفقر والقحط والمرض ، وفى ذلك ما فيه من عذاب لهم ، وحسرة عليهم .

قال القرطبى : وقال سعيد بن المسيب : " بينما عمر بن الخطاب - رضى الله عنه على المنبر قال : أيها الناس ما تقولون فى قول الله - عز وجل - : { أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ } . فسكت الناس .

فقال شيخ من بنى هذيل : هى لغتنا يا أمير المؤمنين . التخوف : التنقص .

فقال عمر : أتعرف العرب ذلك فى أشعارهم ؟ قال نعم ؛ قال شاعرنا أبو كبير الهذلى يصف ناقة تَنقص السير سنامها بعد اكتنازه :

تخوَّف الرحْلُ منها تامِكا قِردا-   -كما تخوَّف عودُ النبَّعةِ السَّفِنُ

فقال عمر : أيها الناس : عليكم بديوانكم شعر الجاهلية ، فإن فيه تفسير كتابكم ومعانى كلامكم " .

وختم - سبحانه - الآية الكريمة بقوله : { فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ } لبيان فضله - سبحانه - على عباده ، حيث لم يعاجلهم بالعقوبة ، بل أمهلهم لعلهم يتوبون إليه ويستغفرونه .

وبذلك ترى أن هذه الآيات الكريمة قد حذرت الكافرين من التمادى فى كفرهم ، وهددتهم : بخسف الأرض بهم . أو بنزول العذاب عليهم من حيث لا يشعرون ، أو بإهلاكهم وهم فى الأرض يكدحون ، أو بأخذهم وهم للأخذ متوقعون .

وبعد أن خوف - سبحانه - الماكرين بما خوف ، أتبع ذلك بما يدل على كمال قدرته وعظمته وجلاله ، حيث خضعت جميع المخلوقات لذاته - سبحانه - فقال - تعالى - : { أَوَلَمْ يَرَوْاْ إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِن شَيْءٍ يَتَفَيَّؤُاْ ظِلاَلُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالْشَّمَآئِلِ سُجَّداً لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ . . . } .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{أَوۡ يَأۡخُذَهُمۡ عَلَىٰ تَخَوُّفٖ فَإِنَّ رَبَّكُمۡ لَرَءُوفٞ رَّحِيمٌ} (47)

22

( أو يأخذهم على تخوف ) فإن يقظتهم وتوقعهم لا يرد يد الله عنهم فهو قادر على أخذهم وهم متأهبون قدرته على أخذهم وهم لا يشعرون ؟ ولكن الله رؤوف رحيم .