إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{أَوۡ يَأۡخُذَهُمۡ عَلَىٰ تَخَوُّفٖ فَإِنَّ رَبَّكُمۡ لَرَءُوفٞ رَّحِيمٌ} (47)

{ أَوْ يَأْخُذَهُمْ على تَخَوُّفٍ } أي مخافةٍ وحذرٍ عن الهلاك والعذاب بأن يُهلك قوماً قبلهم فيتخوّفوا فيأخذَهم العذابُ وهم متخوّفون ، وحيث كانت حالتا التقلّبِ والتخوّف مَظِنةً للهرب عُبّر عن إصابة العذابِ فيهما بالأخذ وعن إصابته حالةَ الغفلة المنبئةِ عن السكون بالإتيان ، وقيل : التخوّفُ التنقّص ، قال قائلهم : [ البسيط ]

تخوّفَ الرحلُ منها تامكاً قردا *** كما تخوّفَ عودَ النبعة السفن{[485]}

أي يأخذُهم على أن يَنْقُصَهم شيئاً بعد شيءٍ في أنفسهم وأموالِهم حتى يهلِكوا ، والمرادُ بذكر الأحوال الثلاثِ بيانُ قدرة الله سبحانه على إهلاكهم بأي وجهٍ كان لا الحصرُ فيها { فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ } حيث لا يعاجلكم بالعقوبة ويحلُم عنكم مع استحقاقكم لها .


[485]:البيت لابن مقبل فغي ملحق ديوانه ص 405، ولسان العرب (خوف)، وتهذيب اللغة 7/594، ولذي الرمة في ملحق ديوانه ص 1917، ولسان العرب (سفن)، ولذي الرمة أو لابن مقبل في تاج العروس (سفن)؛ ولزهير في أساس البلاغة (خوف)، ولعبد الله بن عجلان النهدي في تاج العروس (خوف)، ولقعنب ابن أم صاحب في سمط اللآلي ص 738، وبلا نسبة في المخصص 13/277، وأمالي القالي 2/112.