الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{أَوۡ يَأۡخُذَهُمۡ عَلَىٰ تَخَوُّفٖ فَإِنَّ رَبَّكُمۡ لَرَءُوفٞ رَّحِيمٌ} (47)

{ أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ } .

قال الضحاك والكلبي : { أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ } يعني يأخذ طائفة ويدع فتخاف الطائفة الباقية أن ينزل بها ما نزل بصاحبتها .

وقال سائر المفسرين : التخوّف : التنقّص ، يعني ينقص من أطرافهم ونواصيهم الشيء بهذا الشيء حتّى يهلك جميعهم . يقال : تخوّف مال فلان الإنفاق ، إذا انتقصه وأخذه من حافاته وأطرافه .

وقال الهيثم بن عدي : هي لغة لازد شنوءة ، وأنشد :

تخوّف عدوهم مالي وأهدى *** سلاسل في الحلوق لها صليل

قال سعيد بن المسيب : بينما عمر بن الخطاب ( رضي الله عنه ) على المنبر فقال : يا أيها الناس ما تقولون في قول الله : { أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ } فسكت الناس ، فقام شيخ فقال : يا أمير المؤمنين هذه لغتنا في هذيل ، التخوّف : التنقص ، فقال عمر : وهل تعرف العرب ذلك في أشعارهم قال : نعم ، قال شاعرنا أبو كبير الهذلي : [ يصف ناقة تنقص السير سنامها بعد تمكه واكتنازه ] .

تخوّف السير منها تامكاً قرداً *** كما تخوف عود النبعة السفن

فقال عمر :

يا أيها الناس عليكم بديوانكم الجاهلية *** فإن فيه تفسير كتابكم ومعاني كلامكم

{ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ } يعني لم يعجّل العقوبة