معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{هُنَالِكَ ٱلۡوَلَٰيَةُ لِلَّهِ ٱلۡحَقِّۚ هُوَ خَيۡرٞ ثَوَابٗا وَخَيۡرٌ عُقۡبٗا} (44)

قوله تعالى : { هنالك الولاية لله الحق } يعني : في القيامة ، قرأ حمزة والكسائي { الولاية } بكسر الواو ، يعني السلطان ، وقرأ الآخرون بفتح الواو ، من : الموالاة والنصر ، كقوله تعالى : { الله ولي الذين آمنوا } [ البقرة -257 ] ، قال القتيبي : يريد أنهم يولونه يومئذ ويتبرؤون مما كانوا يعبدون . وقيل : بالفتح : الربوبية ، وبالكسر : الإمارة . { الحق } برفع القاف : أبو عمرو و الكسائي على نعت الولاية ، وتصديقه قراءة أبي : { هنالك الولاية لله الحق } ، وقرأ الآخرون بالجر على صفة الله كقوله تعالى : { ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق } [ الأنعام – 62 ] . { هو خير ثواباً } ، أفضل جزاء لأهل طاعته لو كان غيره يثيب ، { وخير عقباً } أي : عاقبة طاعته خير من عاقبة طاعة غيره ، فهو خير إثابته ، وعاقبة : طاعة ، قرأ حمزة و عاصم عقباً ساكنة القاف ، وقرأ الآخرون بضمها .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{هُنَالِكَ ٱلۡوَلَٰيَةُ لِلَّهِ ٱلۡحَقِّۚ هُوَ خَيۡرٞ ثَوَابٗا وَخَيۡرٌ عُقۡبٗا} (44)

وقوله - سبحانه - : { هُنَالِكَ الولاية لِلَّهِ الحق . . } تقرير وتأكيد للآية السابقة . ولفظ هنالك ظرف مكان .

وكلمة { الولاية } قرأها الجمهور بفتح الواو ، بمعنى الموالاة والصلة والنصرة كما قرأ الجمهور كلمة { الحق } بالجر على أنها نعت للفظ الجلالة .

فيكون المعنى : فى ذلك المقام وتلك الحال تكون الولاية - أى الموالاة والصلة - من كل الناس ، لله - تعالى - وحده إذ الكافر عندما يرى العذاب يعترف بوحدانية الله - تعالى - كما قال - سبحانه - { فَلَمَّا رَأَوْاْ بَأْسَنَا قالوا آمَنَّا بالله وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْاْ بَأْسَنَا } ويجوز أن يكون المعنى : فى ذلك المقام وتلك الحال تكون الولاية أى الموالاة لله - تعالى - وحده . فيوالى المؤمنين برحمته ومغفرته وينصرهم على أعدائهم . كما قال - سبحانه - { ذَلِكَ بِأَنَّ الله مَوْلَى الذين آمَنُواْ وَأَنَّ الكافرين لاَ مولى لَهُمْ } وقرأ حمزة والكسائى : { الولاية } بكسر الواو ، بمعنى الملك والسلطان كما قرأ أبو عمرو والكسائى لفظ { الحق } بالرفع على أنه نعت للولاية .

فيكون المعنى : فى ذلك المقام تكون الولاية الحق ، والسلطان الحق ، لله رب العالمين ، كما قال - سبحانه - : { الملك يَوْمَئِذٍ الحق للرحمن وَكَانَ يَوْماً عَلَى الكافرين عَسِيراً } قال بعض العلماء : وقوله { هنالك } يرى بعضهم أنه متعلق بما بعده ، والوقف تام على قوله { وَمَا كَانَ مُنْتَصِراً } .

ويرى آخرون أنه متعلق بما قبله .

فعلى القول الأول يكون الظرف { هنالك } عامله ما بعده أى : الولاية كائنة لله هنالك .

وعلى القول الثانى فالعامل فى الظرف اسم الفاعل الذى هو { منتصرا } . أى : لم يكن انتصاره واقعا هنالك .

وقوله - سبحانه - : { وَ خَيْرٌ ثَوَاباً وَخَيْرٌ عُقْباً } أى : هو - عز وجل - خير إثابة وإعطاء لأوليائه ، وخير عاقبة لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى .

وعاقبة الأمر : آخره وما يصير إليه منتهاه . و { ثوابا } و { عقبا } منصوبان على التمييز ، بعد صيغة التفضيل { خير } التى حذفت منها الهمزة تخفيفا لكثرة الاستعمال كما قال ابن مالك - رحمه الله - :

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{هُنَالِكَ ٱلۡوَلَٰيَةُ لِلَّهِ ٱلۡحَقِّۚ هُوَ خَيۡرٞ ثَوَابٗا وَخَيۡرٌ عُقۡبٗا} (44)

28

( هنالك الولاية لله الحق ، هو خير ثوابا وخير عقبا ) . .

وثوابه هو خير الثواب ، وما يبقى عنده للمرء من خير فهو خير ما يتبقى : ويسدل الستار على مشهد الجنة الخاوية على عروشها ، وموقف صاحبها يقلب كفيه أسفا وندما ، وجلال الله يظلل الموقف ، حيث تتوارى قدرة الإنسان . .