إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{هُنَالِكَ ٱلۡوَلَٰيَةُ لِلَّهِ ٱلۡحَقِّۚ هُوَ خَيۡرٞ ثَوَابٗا وَخَيۡرٌ عُقۡبٗا} (44)

{ هُنَالِكَ } في ذلك المقامِ وفي تلك الحال { الولاية لِلَّهِ الحق } أي النُصرة له وحده لا يقدِر عليها أحدٌ فهو تقريرٌ لما قبله ، أو ينصُر فيها أولياءَه من المؤمنين على الكفرة كما نصر بما فعل بالكافر أخاه المؤمنَ ، ويعضُده قوله تعالى : { هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا } أي لأوليائه ، وقرئ الوِلاية بكسر الواو ومعناها الملكُ والسلطانُ له عز وجل لا يُغلَب ولا يُمتَنع منه أو لا يُعبد غيرُه كقوله تعالى : { وَإِذَا رَكِبُواْ في الفلك دَعَوُاْ الله مُخْلِصِينَ لَهُ الدين } فيكون تنبيهاً على أن قوله : يا ليتني لم أشرِك الخ ، كان عن اضطرار وجزَعٍ عمّا دهاه على أسلوب قوله تعالى : { الآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ المفسدين } وقيل : هنالك إشارةٌ إلى الآخرة كقوله تعالى : { لّمَنِ الملك اليوم لِلَّهِ الواحد القهار } وقرئ برفع الحقِّ على أنه صفةٌ للولاية وبنصبه على أنه مصدرٌ مؤكد ، وقرئ عقُباً بضم القاف وعُقْبى كرُجعى والكلُّ بمعنى العاقبة .