جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{هُنَالِكَ ٱلۡوَلَٰيَةُ لِلَّهِ ٱلۡحَقِّۚ هُوَ خَيۡرٞ ثَوَابٗا وَخَيۡرٌ عُقۡبٗا} (44)

{ هنالك الولاية لله الحق } من القراء من يقف على هنالك ، فعلى هذا معناه منتصرا في ذلك الموطن الذي به عذاب الله ، ومن لم يقف عليه فمعناه في ذلك الموطن الذي نزل عليه عذاب الله النصرة له وحده ، لا يقدر عليها غيره أو ينصر فيها أولياءه على أعدائه ، و من قرأ الولاية بكسر الواو فمعناه : في تلك الحالة السلطان له وحده لا يبعد غيره ، وكل أحد من مؤمن أو كافر يرجع إلى الله وإلى موالاته والخضوع له كما قال الله تعالى : " فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده " والحق : صفة الولاية أو صفة لله على القراءتين { هو خير ثوابا } لأهل طاعته لو كان غيره يثيب { وخير عقبا{[2968]} } أي : عاقبة طاعته خير من عاقبة طاعة غيره .


[2968]:ونصب ثوابا وعقبا بالتمييز أي: الله خير ثوابا لأهل طاعته لو كان غيره مثيبا، وخير عاقبة طاعته من غير طاعة غيره سبحانه، والأصح أن الرجلين رفيقان ورثا مالا فاشترى أحدهما ضياعا و صرف عمره وماله فيها، والآخر صرف ماله في وجوه الخير وعمره في الطاعة، فلم يبق في يد الأول سوى الندم والجزع والخسران، والثاني وجد ما قر عينيه، كذلك حال صناديد القريش المتمنعين عن فقراء المؤمنين المفتخرين بثيابهم و طيب رائحتهم و بقاء راحتهم وفسحة ساحتهم، فساء صباح المنذرين، ولما أتم المثل الأول لدنياهم الخاصة بهم التي أبطرتهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ضرب لدار الدنيا العامة لذوي العقول في قلة بقائها وسرعة فنائها فقال: "واضرب مثلا" الآية /12 وجيز.