معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي  
{قَالَ قَآئِلٞ مِّنۡهُمۡ لَا تَقۡتُلُواْ يُوسُفَ وَأَلۡقُوهُ فِي غَيَٰبَتِ ٱلۡجُبِّ يَلۡتَقِطۡهُ بَعۡضُ ٱلسَّيَّارَةِ إِن كُنتُمۡ فَٰعِلِينَ} (10)

{ قال قائل منهم لا تقتلوا يوسف } وهو يهوذا ، وقال قتادة روبيل ، وكان ابن خالة يوسف ، وكان أكبرهم سنا وأحسنهم رأيا فيه . والأول أصح أنه يهوذا ، نهاهم عن قتله ، وقال : القتل كبيرة عظيمة . { وألقوه في غيابة الجب } ، قرأ أبو جعفر ، ونافع : غيابات الجب على الجمع في الحرفين ، وقرأ الباقون غيابة الجب على الواحد : أي : في أسفل الجب وظلمته . والغيابة : كل موضع ستر عنك الشيء وغيبه . والجب : البئر غير المطوية لأنه جب ، أي : قطع ولم يطو . { يلتقطه } : يأخذه ، والالتقاط : أخذ الشيء من حيث لا يحتسبه ، { بعض السيارة } ، أي : بعض المسافرين ، فيذهب به إلى ناحية أخرى ، فتستريحوا منه ، { إن كنتم فاعلين } ، أي : إن عزمتم على فعلكم ، وهم كانوا يومئذ بالغين ، ولم يكونوا أنبياء بعد . وقيل : لم يكونوا بالغين ، وليس بصحيح ، بدليل أنهم قالوا : { وتكونوا من بعده قوما صالحين } . { قالوا يا أبانا استغفر لنا ذنوبنا } والصغير لا ذنب له . وقال محمد بن إسحاق : اشتمل فعلهم على جرائم من : قطع الرحم ، وعقوق الوالدين ، وقلة الرأفة بالصغير ، الذي لا ذنب له ، والغدر بالأمانة ، وترك العهد ، والكذب مع أبيهم . وعفا الله عنهم ذلك كله حتى لا ييأس أحد من رحمة الله . وقال بعض أهل العلم : إنهم عزموا على قتله وعصمهم الله رحمة بهم ، ولو فعلوا لهلكوا أجمعين ، وكل ذلك كان قبل أن أنبأهم الله تعالى . وسئل أبو عمروا بن العلاء : كيف قالوا { يرتع ويلعب } وهم أنبياء ؟ قال : كان ذلك قبل أن نبأهم الله تعالى ، فلما أجمعوا على التفريق بينه وبين والده بضرب من الحيل .