النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{قَالَ قَآئِلٞ مِّنۡهُمۡ لَا تَقۡتُلُواْ يُوسُفَ وَأَلۡقُوهُ فِي غَيَٰبَتِ ٱلۡجُبِّ يَلۡتَقِطۡهُ بَعۡضُ ٱلسَّيَّارَةِ إِن كُنتُمۡ فَٰعِلِينَ} (10)

قوله عز وجل : { قال قائلٌ منهم لا تقتلوا يوسف } اختلف في قائل هذا منهم على ثلاثة أقاويل :

أحدها : أنه روبيل وهو أكبر إخوة يوسف وابن خالته ، قاله قتادة .

الثاني : أنه شمعون ، قاله مجاهد .

الثالث : أنه يهوذا ، قاله السدي .

{ وألقُوه في غيابة الجُبِّ } فيه وجهان :

أحدهما : يعني قعر الجب وأسفله .

الثاني : ظلمه الجب التي تغيّب عن الأبصار ما فيها ، قاله الكلبي . فكان رأس الجب ضيقاً وأسفله واسعاً .

أحدهما : لأنه يغيب فيه خبره . وفي تسميته

{ غيابة الجب } وجهان :

الثاني : لأنه يغيب فيه أثره ، قال ابن أحمر{[1420]} :

ألا فالبثا شهرين أو نصف ثالثٍ *** إلى ذاك ما قد غيبتني غيابيا

وفي { الجب } قولان :

أحدهما : أنه اسم بئر في بيت المقدس ، قاله قتادة .

الثاني : أنه بئر غير معينة ، وإنما يختص بنوع من الآبار . قال الأعشى :

لئن كنت في جب ثمانين قامة *** ورقيت أسباب السماء بسلّم

وفيما يسمى من الآبار جباً قولان :

أحدهما : أنه ما عظم من الآبار سواء كان فيه ماء أو لم يكن .

الثاني : أنه ما لا طيّ له من الآبار ، قاله الزجاج . وقال : سميت جبًّا لأنها قطعت في الأرض قطعاً ولم يحدث فيها غير القطع .

{ يلتقطه بعض السيارة إن كنتم فاعلين } معنى يلتقطه يأخذه ، ومنه اللقطة لأنها الضالة المأخوذة .

وفي { السيارة } قولان :

أحدهما : أنهم المسافرون سُموا بذلك لأنهم يسيرون .

الثاني : أنهم مارة الطريق ، قاله الضحاك .


[1420]:هو عمرو بن أحمر الباهلي.