{ قَالَ قَائِلٌ مّنْهُمْ } أي : من الإخوة ، قيل : هو يهوذا ، وقيل : روبيل ، وقيل : شمعون { لاَ تَقْتُلُواْ يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِى غَيَابَةِ الجب } قيل : ووجه الإظهار في { لا تقتلوا يوسف } استجلاب شفقتهم عليه . قرأ أهل مكة وأهل البصرة وأهل الكوفة وأهل الشام : { في غيابة الجب } بالإفراد ، وقرأ أهل المدينة ( في غيابات ) بالجمع ، واختار أبو عبيد الإفراد وأنكر الجمع ، لأن الموضع الذي ألقوه فيه واحد . قال النحاس : وهذا تضييق في اللغة ، و «غيابات » على الجمع تجوز ، والغيابة : كل شيء غيب عنك شيئاً . وقيل للقبر : غيابة ، والمراد به هنا غور البئر الذي لا يقع البصر عليه ، أو طاقة فيه ، قال الشاعر :
ألا فالبثا شهرين أو نصف ثالث *** إلى ذا كما قد غيبتني غيابيا
والجب : البئر التي لم تطو ، ويقال لها قبل الطيّ ركية ، فإذا طويت قيل لها : بئر ، سميت جباً ، لأنها قطعت في الأرض قطعاً ، وجمع الجب جبب وجباب ، وأجباب ، وجمع بين الغيابة والجبّ مبالغة في أن يلقوه في مكان من الجبّ شديد الظلمة حتى لا يدركه نظر الناظرين ، قيل : وهذه البئر ببيت المقدس . وقيل : بالأردن ، وجواب الأمر : { يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السيارة } قرأ مجاهد ، وأبو رجاء ، والحسن ، وقتادة ( تلتقطه ) بالمثناة الفوقية ، ووجهه أن بعض السيارة سيارة ، وحكي عن سيبويه سقطت بعض أصابعه . ومنه قول الشاعر :
أرى مرّ السنين أخذن مني *** كما أخذ السرار من الهلال
وقرأ الباقون «يلتقطه » بالتحتية . والسيارة : الجمع الذي يسيرون في الطريق ، والالتقاط : هو أخذ شيء مشرف على الضياع ، وكأنهم أرادوا أن بعض السيارة إذا التقطه حمله إلى مكان بعيد ، بحيث يخض عن أبيه ومن يعرفه ، ولا يحتاجون إلى الحركة بأنفسهم إلى المكان البعيد ، فربما أن والدهم لا يأذن لهم بذلك ، ومعنى : { إِن كُنتُمْ فاعلين } إن كنتم عاملين بما أشرت به عليكم في أمره ، كأنه لم يجزم بالأمر ، وبل وكله إلى ما يجمعون عليه ، كما يفعله المشير مع من استشاره . وفي هذا دليل على أن إخوة يوسف ما كانوا أنبياء ، فإن الأنبياء لا يجوز عليهم التواطؤ على القتل لمسلم ظلماً وبغياً . وقيل : كانوا أنبياء ، وكان ذلك منهم زلة قدم ، وأوقعهم فيها التهاب نار الحسد في صدورهم واضطرام جمرات الغيظ في قلوبهم .
وردّ بأن الأنبياء معصومون عن مثل هذه المعصية الكبيرة المتبالغة في الكبر ، مع ما في ذلك من قطع الرحم وعقوق الوالد وافتراء الكذب . وقيل : إنهم لم يكونوا في ذلك الوقت أنبياء ، بل صاروا أنبياء من بعد .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.