معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي  
{ٱللَّهُ وَلِيُّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ يُخۡرِجُهُم مِّنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِۖ وَٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ أَوۡلِيَآؤُهُمُ ٱلطَّـٰغُوتُ يُخۡرِجُونَهُم مِّنَ ٱلنُّورِ إِلَى ٱلظُّلُمَٰتِۗ أُوْلَـٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلنَّارِۖ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ} (257)

قوله تعالى : { الله ولي الذين آمنوا } . ناصرهم ومعينهم ، وقيل : محبهم ، وقيل : متولي أمورهم لا يكلهم إلى غيره ، وقال الحسن : ولي هدايتهم .

قوله تعالى : { يخرجهم من الظلمات إلى النور } . أي من الكفر إلى الإيمان ، قال الواقدي : كل ما في القرآن من الظلمات والنور فالمراد منه الكفر والإيمان ، غير التي في سورة الأنعام ، ( وجعل الظلمات والنور ) فالمراد منه الليل والنهار ، سمي الكفر ظلمه لالتباس طريقه وسمي الإسلام نوراً لوضوح طريقه .

قوله تعالى : { والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت } . قال مقاتل : يعني كعب بن الأشرف وحيي بن أخطب وسائر رؤوس الضلالة .

قوله تعالى : { يخرجونهم من النور إلى الظلمات } . يدعونهم من النور إلى الظلمات ، والطاغوت يكون مذكراً ومؤنثاً وواحداً وجمعاً ، قال الله تعالى في المذكر والواحد : ( يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ) وقال في المؤنث : ( والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها ) وقال في الجمع : ( يخرجونهم من النور إلى الظلمات ) فإن قيل : كيف يخرجونهم من النور وهم كفار لم يكونوا في نور قط ؟ قيل : هم اليهود في الأرض ، وكانوا مؤمنين بمحمد صلى الله عليه وسلم قبل أن يبعث لما يجدون في كتبهم من نعته ، فلما بعث كفروا به ، وقيل : هو على العموم في حق جميع الكفار ، قالوا : منعهم إياهم من الدخول فيه إخراج ، كما يقول الرجل لأبيه : أخرجتني من مالك ولم يكن فيه ، كما قال الله تعالى إخباراً عن يوسف عليه السلام : ( إني تركت ملة قوم لا يؤمنون بالله ) ولم يكن قط في ملتهم .

قوله تعالى : { أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون } .