الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{ٱللَّهُ وَلِيُّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ يُخۡرِجُهُم مِّنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِۖ وَٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ أَوۡلِيَآؤُهُمُ ٱلطَّـٰغُوتُ يُخۡرِجُونَهُم مِّنَ ٱلنُّورِ إِلَى ٱلظُّلُمَٰتِۗ أُوْلَـٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلنَّارِۖ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ} (257)

قوله تعالى : " الله ولي الذين آمنوا " الولي فعيل بمعنى فاعل . قال الخطابي : الولي الناصر ينصر عباده المؤمنين ، قال الله عز وجل " الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور " ، وقال " ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم " {[2415]} [ محمد : 11 ] قال قتادة : الظلمات الضلالة ، والنور الهدى ، وبمعناه قال الضحاك والربيع . وقال مجاهد وعبدة بن أبي لبابة : قوله " الله ولي الذين آمنوا " نزلت في قوم آمنوا بعيسى فلما جاء محمد صلى الله عليه وسلم كفروا به ، فذلك إخراجهم من النور إلى الظلمات . قال ابن عطية : فكأن هذا المعتقد{[2416]} أحرز نوراً في المعتقد خرج منه إلى الظلمات ، ولفظ الآية مستغن عن هذا التخصيص ، بل هو مترتب في كل أمة كافرة آمن بعضها كالعرب ، وذلك أن من آمن منهم فالله وليه أخرجه من ظلمة الكفر إلى نور الإيمان ، ومن كفر بعد وجود النبي صلى الله عليه وسلم الداعي المرسل فشيطانه مغويه ، كأنه أخرجه من الإيمان إذ هو معه{[2417]} معد وأهل للدخول فيه ، وحكم عليهم بالدخول في النار لكفرهم ، عدلا منه ، لا يسأل عما يفعل . وقرأ الحسن " أولياؤهم الطواغيت " يعني الشياطين ، والله أعلم .


[2415]:- راجع جـ16 ص 234.
[2416]:- في هـ و ب وجـ وابن عطية: فكأن هذا القول.
[2417]:- الزيادة في جـ.