قوله سبحانه : { الله ولي الذين آمنوا } أي متولي أمورهم وكافل مصالحهم . " فعيل " بمعنى " فاعل " والتركيب يدل على القرب ، فالمحب ولي لأنه يقرب منك بالمحبة والنصرة ، ومنه الوالي لأنه يلي القوم بالتدبير ، وفيه دليل على أن ألطاف الله تعالى في حق المؤمنين وفيما يتعلق بالدين أكثر من ألطافه في حق الكافر ، وذلك أنه يخرجهم من الظلمات إلى النور ومن الكفر إلى الإيمان ومن الضلال إلى الهدى ومن الشك إلى اليقين . والإخراج يشمل الكافر إذا آمن والمؤمن الأصلي ، ولا يبعد أن يقال يخرجهم إلى النور من الظلمات ، وإن لم يكونوا في الظلمة ألبتة ؛ فإن العبد لو خلا عن توفيق الله تعالى لحظة لوقع في ظلمات الجهالات والضلالات فصار توفيقه تعالى سبباً لدفع تلك الظلمات عنه ، وبين الدفع والرفع تشابه ، ومثله قوله :{ وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها }[ آل عمران : 103 ] ومعلوم أنهم ما كانوا قط في النار . ويروى أنه صلى الله عليه وسلم سمع إنساناً قال : أشهد أن لا إله إلا الله فقال : " على الفطرة " فلما قال : أشهد أن محمداً رسول الله قال : " خرج من النار " ومن المعلوم أنه ما كان فيها . قال الواحدي : كل ما في القرآن من الظلمات والنور فإنه تعالى أراد بهما الكفر والإيمان إلا قوله في أول الأنعام { وجعل الظلمات والنور }[ الأنعام : 1 ] فإنه عنى به الليل والنهار . قال : وإنما جعل الكفر ظلمة لأنه كالظلمة في المنع من الإدراك ، وجعل الإيمان نوراً لأنه كالسبب في حصول الإدراك .
قلت : قد مر أن الإيمان والعلم وجميع الكمالات النفسانية والمعارف اليقينية أنوار تزداد النَفس بها نورية وإشراقاً فلا حاجة إلى هذا التكلف . { والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت } مصدر ، ولهذا وحد في موضع الجمع { يخرجونهم من النور إلى الظلمات } وإنما وحد النور وجمع الظلمة لأن الحق وما يرجع إليه طريقه واحد وهو أيضا في نفسه واحد ، وأما الباطل فلا حصر له ولا لطرقه . كما أن الخط المستقيم الواصل بين النقطتين واحد ، والمنحنية غير محدود . وإسناد الإضلال إلى الطاغوت ، وهو كل من ينسب إلى الطغيان ، كالمجاز فإن الحوادث بأسرها تستند إلى المبدأ الأول بالحقيقة وتنتهي إلى قضائه وقدره كما سبق تحقيقه مراراً . { أولئك } الكفار أو هم مع من يطيعهم من الوسائط والوسائل { أصحاب النار } فيكون زجراً للكل ووعيداً لهم أعاذنا الله من ذلك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.