قوله تعالى : { ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب } . اختلفوا فيها ، فقال الكلبي : قالت قريش : يا محمد تزعم أن من خالفك فهو في النار والله عليه غضبان ، وأن من اتبعك على دينك فهو في الجنة ، والله عنه راض ، فأخبرنا بمن يؤمن بك وبمن لا يؤمن بك ، فأنزل الله تعالى هذه الآية . وقال السدي : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : عرضت علي أمتي في صورها في الطين كما عرضت على آدم ، وأعلمت من يؤمن بي ومن يكفر بي ، فبلغ ذلك المنافقين ، فقالوا استهزاءً : زعم محمد أنه يعلم من يؤمن به ومن يكفر ممن لم يخلق بعد ، ونحن معه وما يعرفنا ، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقام على المنبر فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : ما بال أقوام طعنوا في علمي لا تسألوني عن شيء فيما بينكم وبين الساعة إلا أنباتكم به ، فقام عبد الله بن حذافة السهمي فقال : من أبي يا رسول الله ؟ قال : حذافة ، فقام عمر فقال : يا رسول الله رضينا بالله رباً وبالإسلام ديناً وبالقرآن إماماً وبك نبياً فاعف عنا عفا الله عنك ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم فهل أنتم منتهون ؟ ثم نزل عن المنبر ، فأنزل الله تعالى هذه الآية . واختلفوا في حكم الآية ونظمها ، فقال ابن عباس رضي الله عنهما والضحاك ومقاتل والكلبي وأكثر المفسرين : الخطاب للكفار والمنافقين ، يعني ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه يا معشر الكفار والمنافقين من الكفر والنفاق حتى يميز الخبيث من الطيب . وقال قوم : الخطاب للمؤمنين الذين أخبر عنهم ، معناه : ما كان الله ليذركم يا معشر المؤمنين على ما أنتم عليه من التباس المؤمن بالمنافق ، فرجع من الخبر إلى الخطاب . حتى يميز الخبيث ، وقرأ حمزة والكسائي ويعقوب بضم الياء وتشديدها وكذلك التي في الأنفال ، وقرأ الباقون بالتخفيف ، يقال : ماز الشيء يميزه ميزاً وميزه تمييزاً إذا فرقه فامتاز ، قال أبو معاذ إذا فرقت بين شيئين ، قلت : مزت ميزاً ، فإذا كانت أشياء ، قلت : ميزتها تمييزاً ، وكذلك إذا جعلت الشيء الواحد شيئين قلت : فرقت بالتخفيف ، ومنه فرقت الشعر ، فإن جعلته أشياء ، قلت : فرقته تفريقاً ، ومعنى الآية حتى يميز المنافق من المخلص ، فميز الله المؤمنين من المنافقين يوم أحد حيث أظهروا النفاق فتخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقال قتادة : حتى يميز الكافر من المؤمن بالهجرة والجهاد ، وقال الضحاك : ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه في أصلاب الرجال وأرحام النساء ، يا معشر المنافقين والمشركين حتى يفرق بينكم وبين من في أصلابكم وأرحام نسائكم من المؤمنين ، وقيل : حتى يميز الخبيث ، وهو المذنب ، من الطيب ، وهو المؤمن ، يعني حتى تحط الأوزار عن المؤمن بما يصيبه من نكبة ومحنة ومصيبة .
قوله تعالى : { وما كان الله ليطلعكم على الغيب } . لأنه لا يعلم الغيب أحد غير الله .
قوله تعالى : { ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء } . فيطلعه على بعض علم الغيب ، نظيره قوله تعالى ( عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول } . وقال السدي : معناه وما كان الله ليطلع محمداً صلى الله عليه وسلم على الغيب ولكن الله اجتباه .
قوله تعالى : { فآمنوا بالله ورسله وإن تؤمنوا وتتقوا فلكم أجر عظيم } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.