الآية 179 وقوله تعالى : { ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب } قيل فيه بوجوه/ قيل : لا يترك الله المؤمنين على ( ما ) {[4636]} أنتم عليه أيها المنافقون ولكن يمتحنكم بالجهاد وبأنواع المحن ليظهر المنافق لهم من المؤمن وقيل : ليظهر الكافر لهم من المؤمن المصدق وقيل فيه بوجه آخر : وذلك أن المنافقين كانوا يطعنون أصحاب{[4637]} رسول الله صلى الله عليه وسلم ويستهزءون بأنواع المحن ليفتضحوا وليظهر نفاقكم عندهم ويحتمل وجها آخر وهو أن قوله { ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب } أي لا يدع { المؤمنين على ما أنتم عليه } من النفاق والكفر في دار واحدة ولكن يجعل لكم دارا أخرى يميز بها الخبيث من الطيب ، يجعل الخبيث في النار والطيب في الجنة كقوله تعالى : { ليميز الله الخبيث من الطيب ويجعل الخبيث بعضه على بعض فيكرمه جميعا فيجعله في جهنم } الآية ( الأنفال 37 ) .
وقوله تعالى : { وما كان الله ليطلعكم على الغيب } قيل فيه بوجهين : قيل إنهم كانوا يقولون : لا نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتي الأنبياء كقولهم : { لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتي رسل الله } ( الأنعام 124 ) ومثل قوله : { بل يريد كل امرئ منهم أن يؤتى صحفا منتشرة } ( المدثر 52-53 ) فعلى ذلك قوله : { وما كان الله ليطلعكم على الغيب } إلا من اجتباه لوحيه وجعله موضعا لرسالته أي لا يجعلكم رسلا عن علم إلا{[4638]} من آيات رسالته والله أعلم .
وقيل : إن الشياطين كانوا يصعدون إلى السماء فيسترقون فيأتون بأخبارها إلى الكهنة قبل أن يبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم عن الكهنة يخبرون بها غيرهم من الكفرة فأنزل الله عز وجل : { وما كان ليطلعكم على الغيب } بعد ما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم نبينا كما كنتم تطلعون على أخبار السماء قبل بعثه { ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء } أي يصطفي من يشاء فيجعله رسولا فيوحي إليه ذلك أي ليس الوحي من السماء إلى غير الأنبياء سبحانه وتعالى ويحتمل{[4639]} قوله تعالى : { يجتبي منم رسله من يشاء } أي لا يطلع أحدا منكم على الغيب إلا من اجتباه منكم لرسالته{[4640]} ويحتمل قوله : يجتبي من رسله من يشاء } أي ينسخ شرائعه وأحكامه برسول آخر نحو ما بين موسى إلى عيسى عليه السلام إن كان في ما بينهما نبي ، لم يجعل له أحكاما{[4641]} سوى أحكام موسى عليه السلام أبقى تلك الأحكام والشرائع وكذلك ما بين عيسى إلى محمد عليه السلام فاجتبى هؤلاء لإبقاء شرائعهم وأحكامهم والله أعلم .
وقوله تعالى : { فآمنوا بالله ورسله } ظاهر { وإن تؤمنوا } برسله كلهم { وتتقوا } المعاصي { فلكم أجر عظيم } ويحتمل { وإن تؤمنوا وتتقوا } { فلكم ( أجر عظيم } ){[4642]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.