اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{مَّا كَانَ ٱللَّهُ لِيَذَرَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ عَلَىٰ مَآ أَنتُمۡ عَلَيۡهِ حَتَّىٰ يَمِيزَ ٱلۡخَبِيثَ مِنَ ٱلطَّيِّبِۗ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُطۡلِعَكُمۡ عَلَى ٱلۡغَيۡبِ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ يَجۡتَبِي مِن رُّسُلِهِۦ مَن يَشَآءُۖ فَـَٔامِنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِۦۚ وَإِن تُؤۡمِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَلَكُمۡ أَجۡرٌ عَظِيمٞ} (179)

اللام في " ليذر " تُسمَّى لامَ الجحودِ{[6224]} ، ويُنْصَب بعدها المضارع بإضمار " أن " ولا يجوز إظهارها . والفرق بينها وبين لام " كي " أن هذه - على المشهور - شرطها أن تكون بعد كون منفي ، ومنهم من يشترط مضي الكونِ ، ومنهم من لم يشترط الكون .

وفي خبر " كان " - هنا - وما أشبهه قولان :

أحدهما : قولُ البصريينَ - أنه محذوفٌ ، وأن اللامَ مقوية لتعدية ذلك الخبرِ المقدَّر لِضَعْفه ، والتقدير : ما كان اللَّهُ مُريداً لأن يَذَر ، و " أن يذر " هو مفعول " مريداً " والتقديرُ : ما كان اللَّهُ مُريداً ترك المؤمنين .

الثاني : - قول الكوفيين - أن اللامَ زائدةٌ لتأكيدِ النفي ، وأن الفعل بعدها هو خبرُ كانَ واللامُ عندهم هي العاملةُ النصْبَ في الفعل بنفسها ، لا بإضمار " أن " والتقدير عندهم : ما كان الله ليذرَ المؤمنين .

وضعَّف أبو البقاء مذهبَ الكوفيين بأنّ النصب قد وُجِد بعد هذه اللامِ ، فإن كان النصبُ بها نفسها فليست زائدةً ، وإن كانَ النصبُ بإضمار " أن " فسَد من جهة المعنى لأن " أن " وما في حيزها بتأويل مصدر ، والخبر في باب " كان " هو الاسم في المعنى ، فيلزم أن يكون المصدر - الذي هو معنى من المعاني - صادقاً على اسمها ، وهو مُحَالٌ .

وجوابه : أما قوله : إن كان النصبُ بها فليست زائدةً ممنوع ؛ لأن العملَ لا يمنع الزيادةَ ، ألا ترى أنَّ حروف الجَرِّ تُزاد ، وهي عاملة وكذلك " أن " عند الأخفشِ ، و " كان " في قول الشاعر : [ الوافر ]

. . . *** وَجِيرَان لَنَا كَانُوا كِرَام{[6225]}

كما تقدم تحقيقه و " يذر " فعل لا يتصرف - كَيَدَعُ - استغناء عنه بتصرُّف [ مرادفه ]{[6226]} - وحُذِفت الواو من " يذر " من غير موجب تصريفي ، وإنما حُمِلَت على " يدع " لأنها بمعناها ، و " يدع " حُذِفت منه الواوُ لموجب ، وهو وقوع الواو بين ياءٍ وكسرةٍ مقدرة وأما الواو في " يذر " فوقعت بين ياء وفتحةٍ أصليةٍ . وقد تقدم تحقيقه عند قوله تعالى : { وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا } [ البقرة : 278 ] .

فصل

وجه النظم : أن هذه الآية من بقية قصة أحُد ، فأخبر - تعالى - أن الأحوالَ التي وقعتْ في تلك الحادثةِ - من القتل والهزيمة ، ثم دعاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى الخروج إلى العدو مع ما كان بهم من الجراحاتِ ، ثم دعاهم مرة أخْرَى إلى بدرٍ الصُّغْرَى ، لموعد أبي سفيانَ - دليلٌ على امتيازِ المؤمنين من المنافقين ، فأخبر - تعالى - بأنه لا يجوزُ - في حكمته - أن يترككم على ما أنتم عليه من اختلاط المنافقين بكم ، وإظهارهم أنهم منكم - بل يجب في حكمته أن يُمَيِّز الخبيث - وهو المنافق - من الطيب - وهو المؤمن - .

فصل في سبب النزول

قال الكلبيُّ : قالت قريشُ : يا محمدُ ، تزعم أن من خالفك ، فهو في النَّارِ ، واللَّهُ عليه غَضْبَانُ ، وأن من اتبعك ، وهو على دينك ، فهو في الجَنَّةِ ، واللَّهُ عَنْهُ راضٍ . فأخْبِرْنا بمن يُؤمنُ بك ، ومَن لا يُؤمنُ ؛ فأنزل الله هذه الآية{[6227]} .

وقال السُّديُّ : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " عُرِضَتْ عليَّ أمَّتِي فِي صُورَتِهَا في العِلِّيِّينَ ، كَمَا عُرِضَتْ عَلَى آدَمَ وأعْلِمتُ مَنْ يُؤْمِنُ ومَنْ يَكْفُرُ " فبلغ ذلك المنافقين ، فقالوا : استهزاءً - : زعم محمدٌ أنه يعلم من يؤمن به ، ومَنْ يكفرُ ، ممن لم يُخْلَقْ بَعْدُ ، ونحن معه ، وما يعرفنا ، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام على المنبر فحمد اللَّهَ ، وأَثْنَى عليه ، ثم قال : " مَا بَالُ أقْوامٍ طَعَنُوا فِي عِلمي ، لا تَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ - فِيمَا بَيْنَكُم وبَيْنَ السَّاعَةِ - إلاَّ نَبَّأتُكمُ بِهِ " فقام عبد الله بن حذافة السهميّ ، وقال : مَنْ أبي ، يا رسولَ اللَّهِ ؟ فقال : " حُذَافة " فقام عُمَرُ ، فقال : يا رسول الله ، رضينا بالله رَبَّاً ، وبالإسلامِ ديناً ، وبالقرآن إماماً ، وبك نبيًّا ، فاعفُ عنا ، عفا الله عنك . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " فَهَل أنْتُمْ مُنْتَهٌونَ " - مرتين - ثم نزل عن المِنْبَرِ " فأنزل اللَّهُ هذه الآية{[6228]} .

قوله : { حَتَّى يَمِيزَ } حتى - هنا - قيل : هي الغائية المجرَّدة ، بمعنى " إلى " والفعل بعدها منصوب بإضمار " أن " وقد تقدم تحقيقه في " البقرة " .

فإن قيل الغاية - هنا - مشكلة - على ظاهر اللفظ - لأنه يصير المعنى : أنه تعالى لا يترك المؤمنين على ما أنتم عليه إلى هذه الغاية - وهي التمييز بين الخبيثِ والطَّيِّبِ - ومفهومه أنه إذا وُجِدَت الغاية ترك المؤمنين على ما أنتم عليه .

هذا ظاهرُ ما قالوه من كونها للغاية ، وليس المعنى على ذلك قَطْعاً ، ويصيرُ هذا نظيرُ قولكَ : لا أكَلِّم زيداً حتى يقدم عمرو ، فالكلام منتفٍ إلى قدوم عمرو .

فالجوابُ عنه : " حَتّى " غاية لمن يفهم من معنى هذا الكلام ، ومعناه : أنه - تعالى - يخلص ما بينكم بالابتلاء والامتحان إلى أن يميز الخبيثَ من الطيبِ .

وقرأ حمزة [ والكسائي ]{[6229]} - هنا وفي الأنفال - " يُمَيِّزَ " بالتشديد - والباقون بالتخفيف ، وعن ابن كثيرٍ - أيضاً - " يُميز " من " أماز " فهذه ثلاث لغاتٍ ، يقال : مَازَه وميَّزه وأمازه . والتشديد والهمزة ليسا للنقل ؛ لأنّ الفِعْلَ - قبلهما - مُتَعَد ، وإنما " فعّل " - بالتشديد - و " أفعل " بمعنى : المجرد .

وهل " ماز " و " مَيَّز " بمعنًى واحدٍ ، أو بمعنيين مختلفين ؟ قولان . ثم القائلونَ بالفرق اختلفوا ، فقال بعضهم : لا يقال : ماز ، إلا في كثير ، فأما واحدٌ من واحدٍ فميَّزت ، ولذلك قال أبو مُعاذٍ : يقال ميزَّتُ بين الشيئين تَمْييزاً ، ومِزْت بين الأشياء مَيْزاً . وقال بعضُهُمْ عكس هذا - مزت بين الشيئين مَيْزاً ، وميَّزت بين الأشياء تمييزاً - وهذا هو القياس ، فإنَّ التضعيفَ يؤذن بالتكثير ، وهو لائقٌ بالمتعددات ، وكذلك إذا جعلتَ الواحد شيئين قلت : فَرَقْت - بالتخفيف - ومنه : فرق الشعر ، وإن جعلته أشياء ، قلت : فرَّقْتها تَفْرِيقاً .

ورجَّح بعضُهم " مَيَّز " - بالتشديد - بأنه أكثر استعمالاً ، ولذلك لم يستعملوا المصدر إلا منه ، قالوا : التمييز ، ولم يقولوا : المَيْز - يعني لم يقولوه سماعاً ، وإلا فهو جائز قياساً .

فصل

ومعنى الآية : حتى يميز المنافق من المخلصِ ، وقد ميَّزهم يَوْمَ أحُدٍ ؛ حيث أظهروا النفاق ، وتخلَّفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .

فإن قيل : إنَّ التمييزَ إنْ ظَهَرَ وانكشفَ ، فقد ظهر كُفْرُ المنافقينَ ، وظهور كُفْرِهم ينفي كونهم منافقين ، وإن لم يظهرْ لم يحصل الوَعْدُ .

فالجوابُ : أنه ظهر بحيث يُفيد{[6230]} الامتيازَ الظنِّيّ ، لا الامتيازَ القَطْعِيّ .

قال قتادة : حتّى يميز المؤمن من الكافر بالهجرة والجهادِ{[6231]} .

قال الضَّحَّاك : " مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ المُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أنْتُمْ عَلَيْهِ " في أصلاب الرَِّجَالِ ، وأرحام النِّساءِ ، يا معشرَ المنافقينَ ، حتّى يفرق بينكم وبين مَنْ في أصْلابكم ، وأرحام نسائكم من المؤمنينَ{[6232]} .

وقيل : " حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ " وهو الذنب " مِنَ الطَّيِّبِ " وهو المؤمنُ ، يعني يَحُطُّ الأوزار عن المؤمنين بما يُصيبهم من نكبةٍ ومحنةٍ ومصيبةٍ .

وقيل : الخبيث : هو الكُفْر : أذلَّه اللَّهُ وأخْمَدَه ، وأعلى الإسلامَ وأظهره ، فهذا هو التمييزُ .

قوله : { وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ } ومعناه : أنه لا يجوز أن يطلعكم على أصل ذلك التمييزِ ، فيقول : إنَّ فلاناً منافق ، وإن فلاناً مؤمنٌ ؛ فإن سُنَّة اللَّهِ جارية بأنه لا يُطْلِع عوامَّ الناس على غَيْبه ، ولا سبيلَ لَكُمْ إلى معرفة ذَلِكَ الامتيازِ إلا بالامتحاناتِ ووقوع المِحَن والآفاتِ - كما ذكرنا - وأما معرفة ذلك على سبيل الاطلاعِ على الغيب ، فذلك من خواصِّ الأنبياء ، فلهذا قال : { وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَآءُ } فيخصهم بإعلام أن هذا مؤمن ، وهذا منافق ، نظيره قوله تعالى : { عَالِمُ الْغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً إِلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ } [ الجن : 26 ، 27 ] .

ويحتمل أن يكون المعنى : وما كان اللَّهُ ليجعَلَكم كلَّكم عالمينَ بالغيب كعلم الرسول ، فتنشغلوا عن الرسول ، بل اللَّهُ يخص من يشاءُ من عبادِهِ ، ثم يُكلِّف الباقينَ طاعة هذا الرسولِ .

قوله : " وَلكِنَّ " هذا استدراكٌ من معنى الكلامِ المتقدمِ ؛ لأنه تعالى - لما قال : { وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ } أَوْهَمَ ذلك أنه لا يُطْلِعُ أحداً على غيبه ؛ لعموم الخطابِ - فاستدرك الرُّسُلَ .

والمعنى : { وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي } أي يصطفي { مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَآءُ } فَيَطْلِعُهُ على الغيبِ ، فهو ضِدٌّ لما قبله في المعنى ، وقد تقدم أنها تقع بين ضِدَّيْنِ ونقيضَيْن ، وفي الخلافين خلافٌ .

يَجْتَبِي : يصطفي ويختار ، من : جَبَوْت المال والماء ، وجبيتهما - لغتان - فالياء في يجتبي يُحْتَمَل أن تكون على أصلها ، ويُحْتَمل أن تكون منقلبةً عن واوٍ ؛ لانكسارِ ما قبلها . ومفعول " يَشَاءُ " محذوفٌ ، وينبغي أن يقدر ما يليق بالمعنى ، والتقدير : يشاءُ إطلاعه على الغيب .

قوله : { فَآمِنُواْ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ } يعني أن هذه الشبهة الذي ذكرتموها في الطعن في نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - من وقوع الحوادث المكروهة في قصة أُحُد ، قد أجبْنا عنها ، فلم يَبْقَ إلا أن تُؤمِنوا بالله ورُسُله . وإنما قال : " وَرُسُلِهِ " ولم يَقُلْ : ورسوله ؛ لأن الطريقةَ الموصلةَ إلى الإقرار بنبوَّة الأنبياء ليس إلا المُعْجِز ، وهو حاصل في حقِّ محمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - فوجب الإقرار بنبوة الأنبياء ، فلهذا قال : " وَرُسُلِهِ " لأن طريق إثبات نبوة جميع الأنبياءِ واحدٌ ، فمن أقر بنبوة واحدٍ لزمه الإقرار بنبوَّة الكُلِّ ، ثم لمَّا أمرهم بذلك وعدهم بالثواب فقال : { وَإِن تُؤْمِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ } .


[6224]:لام الجحود ناصبة بنفسها عند الكوفيين، ولقيامها مقام إذا عند ثعلب، وبإضمار أن عند البصريين وجوبا وشرطها: أن يكون قبلها كون ماض لفظا، أو معنى ناقص منفي بلا أو بلم، نحو: "ما كان الله ليذر" ولم يكن زيد ليذهب، ولا يكون النفي هنا (بلن) ولا "بلا" ولا (بلما) ولا (بإن) وذهب بعض النحويين إلى جواز ذلك في ظننت فتقول: ما ظننت زيدا ليضرب عمرا، ولم أظن زيدا ليضرب عمرا، وذكروا أن قول العرب لا كان زيد ليفعل، وقد أجاز ذلك بعض أصحابنا، ويحتاج إلى سماع، ولا يجوز في نفي كان زيد سيفعل أن تقول: ما كان زيد يفعل فتسقط اللام، وقد أجاز ذلك بعض النحويين على قلة، فأما ما ورد من قولهم: ما كان زيد يفعل، فإن يفعل أريد به الاستقبال، ولما كانت أن مضمرة على مذهب البصريين، وهي تنسبك منها مع الفعل مصدر مقدر جره بلام الجر عندهم أن يكون خبر كان هو المحذوف الذي يتعلق به اللام، فيكون النفي متسلطا على ذلك الخبر المحذوف، فينتفي بنفيه متعلقه، فيقدرون "وما كان الله ليطلعكم" أي مريدا لإطلاعكم، ويكون خبر كان ملتزما فيه الحذف في هذا التركيب، ويدل على هذا المحذوف أنه قد سمع به مصرحا في قول الشاعر: سموت ولم تكن أهلا لتسمو *** ... لكن التصريح به في غاية الندور، وفي البديع لمحمد بن مسعود القرني "وما كان الله ليضيع إيمانكم" لا يجوز لأن يضيع إلا بشرط أن يظهر خبر كان، فتقول: ما كان الله مريدا لأن يضيع إيمانكم، وذلك لأن المحذوفات من كلام المشهور إذا أريدها، فالحق أن ترد كلها حتى يرجع إلى أصله، أو تضمر كلها حتى يبقى الكلام على شهرته نحو: إياك والأسد، فلا يجوز أن يرد بعضها ويضمر بعض لا تضمر إياك احفظ والأسد بل احفظ إياك واحذر الأسد انتهى. ولما كان (أن) مضمرة بعد اللام أجاز بعض النحويين من البصريين حذف اللام وإظهار (أن) نحو: ما كان زيد أن يقوم، وقال ابن الأنباري: العرب تدخل (أن) في موضع لام الجحود فيقولون: ما كان عبد الله أن يظلمك، ولم يكن محمد أن يختصمك قال: ولا موضع (لأن) من الإعراب لأنها أفادت ما أفادت اللام، ولا يجوز ما كان عبد الله لأن يزورك بإظهار (أن) بعد اللم عند كوفي ولا بصري انتهى، والصحيح أنه لا يكتفي (بأن) عن اللام، وقد اضطرب في ذلك ابن عصفور فمرة أجاز ومرة منع، ولما كانت اللام هي الناصبة عند الكوفيين، كان الخبر هو نفس الفعل، فالنفي متسلط عليه، واللام عندهم زائدة لمجرد التوكيد، فلذلك أجازوا أن يتقدم معمول الفعل المنصوب بها عليها، نحو: ما كان زيد لأن يقوم، على سبيل التأكيد، وهذا مخالف لما حكى ابن الأنباري عن الكوفيين أنهم لا يجيزون ذلك، ويتركب من قول ابن مالك مذهب لم يقل به أحد، وذلك أنه زعم أن (أن) لازمة للإضمار، وأن النصب بها، وزعم أن الفعل بعد اللام هو الخبر لكان، وليس هذا بقول بصري ولا كوفي، وهذا الذي ذكرناه من خصوصية حرف النفي أو الفعل المنفي به هو المشهور والمتصور في لام الجحود، وزعم بعضهم أنها تكون في كل فعل منفي تقدمه فعل نحو: ما جئت لتكرمني، ومن جعل لام الجحود لام (كي) فساه ولا يجيء قبل (لام) الجحود اسم مفرد جملة بشروطها. الارتشاف 2/399 ـ 400 ـ 401. وانظر المقرب 1/262.
[6225]:تقدم برقم 825.
[6226]:في أ: مراده.
[6227]:ذكره أبو حيان ي البحر المحيط 3/130.
[6228]:تقدم.
[6229]:سقط في ب.
[6230]:في أ: يعتمد.
[6231]:أخرجه الطبري في "تفسيره" (7/425) عن قتادة وزاد نسبته السيوطي في "الدر المنثور" (2/83) لعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.
[6232]:ذكره القرطبي في "تفسيره" (4/184) عن الضحاك.