أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{يَسۡتَخۡفُونَ مِنَ ٱلنَّاسِ وَلَا يَسۡتَخۡفُونَ مِنَ ٱللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمۡ إِذۡ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرۡضَىٰ مِنَ ٱلۡقَوۡلِۚ وَكَانَ ٱللَّهُ بِمَا يَعۡمَلُونَ مُحِيطًا} (108)

{ يستخفون من الناس } يستترون منهم حياء وخوفا . { ولا يستخفون من الله } ولا يستحيون منه وهو أحق بأن يستحيا ويخاف منه . { وهو معهم } لا يخفى عليه سرهم فلا طريق معه إلا ترك ما يستقبحه ويؤاخذ عليه . { إذ يبيتون } يدبرون ويزورون . { ما لا يرضى من القول } من رمي البريء والحلف الكاذب وشهادة الزور . { وكان الله بما يعملون محيطا } . لا يفوت عنه شيء .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{يَسۡتَخۡفُونَ مِنَ ٱلنَّاسِ وَلَا يَسۡتَخۡفُونَ مِنَ ٱللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمۡ إِذۡ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرۡضَىٰ مِنَ ٱلۡقَوۡلِۚ وَكَانَ ٱللَّهُ بِمَا يَعۡمَلُونَ مُحِيطًا} (108)

جملة : { يستحقون من الناس } بيان ل { يختانون } . وجملة : { ولا يستخفون من الله } حال ، وذلك هو محلّ الاستغراب من حالهم وكونهم يختانون أنفسهم . والاستخفاء من الله مستعمل مجازا في الحياء ، إذ لا يعتقد أحد يؤمن بالله أنّه يستطيع أن يستخفي من الله .

وجملة : { وهو معهم } حال من اسم الجلالة ، والمعية هنا معية العلم والاطّلاع و { إذ يبيّتون } ظرف ، والتبييت جعل الشيء في البيَات ، أي الليل ، مثل التصبيح ، يقال : بيَّتهم العدوُّ وصبَّحهم العدوُّ وفي القرآن : { لنبيتَنَّه وأهلَه } [ النمل : 49 ] أي لنأتينّهم ليلا فنقلتهم . والمبيَّت هنا هو ما لا يُرضي من القول ، أي دبّروه وزوّروه ليلا لقصد الإخفاء ، كقول العرب : هذا أمر قُضي بليل ، أو تُشُوّر فيه بليل ، والمراد هنا تدبير مكيدتهم لرمي البُراء بتهمة السرقة .