الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{يَسۡتَخۡفُونَ مِنَ ٱلنَّاسِ وَلَا يَسۡتَخۡفُونَ مِنَ ٱللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمۡ إِذۡ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرۡضَىٰ مِنَ ٱلۡقَوۡلِۚ وَكَانَ ٱللَّهُ بِمَا يَعۡمَلُونَ مُحِيطًا} (108)

{ يَسْتَخْفُونَ } يستترون { مِنَ الناس } حياء منهم وخوفاً من ضررهم { وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ الله } ولا يستحيون منه { وَهُوَ مَعَهُمْ } وهو عالم بهم مطلع عليهم لا يخفى عليهم خاف من سرهم ، وكفى بهذه الآية ناعية على الناس ما هم من قلة الحياء والخشية من ربهم ، مع علمهم إن كانوا مؤمنين أنهم في حضرته لا سترة ولا غفلة ولا غيبة ، وليس إلا الكشف الصريح والافتضاح { يُبَيّتُونَ } يدبرون ويزوّرون وأصله أن يكون بالليل { مَا لاَ يرضى مِنَ القول } وهو تدبير طعمة أن يرمي بالدرع في دار زيد ليسرّق دون ويحلف ببراءته .

فإن قلت : كيف سمى التدبير قولاً ، وإنما هو معنى في النفس ؟ قلت لما حدّث بذلك نفسه سمي قولاً على المجاز . ويجوز أن يراد بالقول : الحلف الكاذب الذي حلف به بعد أن بيته ، وتوريكه الذنب على اليهودي .