ثم قال تعالى { يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول وكان الله بما يعملون محيطا } الاستخفاء في اللغة معناه الاستتار ، يقال استخفيت من فلان ، أي تواريت منه واستترت . قال تعالى : { ومن هو مستخف بالليل } أي مستتر ، فقوله : { يستخفون من الناس } أي يستترون من الناس ولا يستترون من الله . قال ابن عباس : يستحيون من الناس ولا يستحيون من الله . قال الواحدي : هذا معنى وليس بتفسير ، وذلك لأن الاستحياء من الناس يوجب الاستتار من الناس والاستخفاء منهم ، فأما أن يقال : الاستحياء هو نفس الاستخفاء فليس الأمر كذلك ، وقوله : { وهو معهم } يريد بالعلم والقدرة والرؤية ، وكفى هذا زاجرا للإنسان عن المعاصي ، وقوله : { إذ يبيتون ما لا يرضى من القول } أي يضمرون ويقدرون في أذهانهم وذكرنا معنى التبييت في قوله : { بيت طائفة منهم } والذي لا يرضاه الله من القول هو أن طعمة قال : أرمي اليهودي بأنه هو الذي سرق الدرع وأحلف أني لم أسرقها ، فيقبل الرسول يميني لأني على دينه ولا يقبل يمين اليهودي .
فإن قيل : كيف سمي التبييت قولا وهو معنى في النفس ؟
قلنا : مذهبنا أن الكلام الحقيقي هو المعنى القائم بالنفس ، وعلى هذا المذهب فلا إشكال ، ومن أنكر كلام النفس فله أن يجيب بأن طعمة وأصحابه لعلهم اجتمعوا في الليل ورتبوا كيفية الحيلة والمكر ، فسمى الله تعالى كلامهم ذلك بالقول المبيت الذي لا يرضاه ، فأما قوله { وكان الله بما يعملون محيطا } فالمراد الوعيد من حيث إنهم وإن كانوا يخفون كيفية المكر والخداع عن الناس إلا أنها كانت ظاهرة في علم الله ، لأنه تعالى محيط بجميع المعلومات لا يخفى عليه سبحانه منها شيء .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.