فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{يَسۡتَخۡفُونَ مِنَ ٱلنَّاسِ وَلَا يَسۡتَخۡفُونَ مِنَ ٱللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمۡ إِذۡ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرۡضَىٰ مِنَ ٱلۡقَوۡلِۚ وَكَانَ ٱللَّهُ بِمَا يَعۡمَلُونَ مُحِيطًا} (108)

{ يستخفون من الناس } أي يستترون منه كقوله { ومن هو مستخف بالليل } أي مستتر قيل معناه يستحيون من الناس { ولا يستخفون من الله } أي لا يستترون ولا يستحيون منه { هو } أي والحال أنه { معهم } بالعلم والقدرة في جميع أحوالهم ، عالم بما فيه فكيف يستخفون منه ، وكفى بذلك زجرا للإنسان عن ارتكاب الذنوب .

وكفى بهذه الآية ناعية على ما هم من قلة الحياء والخشية من ربهم مع علمهم أنهم في حضرته لا سترة ولا غيبة { إذ يبيتون } أي يدبرون الرأي بينهم ، وسماه تبيينا لأن الغالب أن تكون إدارة الرأي بالليل { مالا يرضى من القول } أي من الرأي الذي أداروه بينهم وسماه قولا لأنه لا يحصل إلا بعد المقاولة بينهم { وكان الله بما يعلمون محيطا } عالما علم إحاطة لا يخفى عليه شيء من أسرار عباده وهو مطلع عليهم ، لا تخفى عليه خافية .