أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي  
{قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّؤُاْ عَلَيۡهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَىٰ غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَـَٔارِبُ أُخۡرَىٰ} (18)

{ قال هي عصاي } وقرئ " عصي " على لغة هذيل . { أتوكأ عليها } أعتمد عليها إذا أعييت أو وقفت على رأس القطيع . { وأهش بها على غنمي } وأخبط الورق بها على رؤوس غنمي ، وقرئ { أهش } وكلاهما من هش الخبز يهش إذا انكسر لهشاشته ، وقرئ بالسين من الهس وهو زجر الغنم أي أنحي عليها زاجرا لها . { ولي فيها مآرب أخرى } حاجات أخر مثل أنه كان إذا سار ألقاها على عاتقه فعلق بها أدواته ، وعرض الزندين على شعبيتها وألقى عليها الكساء واستظل به ، وإذا قصر الرشاء وصله بها ، وإذا تعرضت السباع لغنمه قاتل بها ، وكأنه صلى الله عليه وسلم فهم أن المقصود من السؤال أن يذكر حقيقتها وما يرى من منافعها ، حتى إذا رآها بعد ذلك على خلاف تلك الحقيقة ووجد منها خصائص أخرى خارقة للعادة مثل أن تشتعل شعبتاه بالليل كالشمع ، وتصيران دلوا عند الاستقاء ، وتطول بطول البئر وتحارب عنه إذا ظهر عدو ، وينبع الماء بركزها ، وينضب بنزعها وتورق وتثمر إذا اشتهى ثمرة فركزها ، على أن ذلك آيات باهرة ومعجزات قاهرة أحدثها الله فيها لأجله وليست من خواصها ، فذكر حقيقتها ومنافعها مفصلا ومجملا على معنى أنها من جنس العصي تنفع منافع أمثالها ليطابق جوابه الغرض الذي فهمه .