{ قال هي عصاي } وقرئ عصي على لغة هذيل قال ابن عباس : أعطاه ملك من الملائكة إذ توجه إلى مدين فكانت تضيء له بالليل ويضرب بها الأرض فيخرج له النبات ، ويهش بها على غنمه ورق الشجر . وعن قتادة : كانت تضيء له بالليل ، وكانت عصا آدم عليه السلام ورثها شعيب وأعطاها لموسى بعد أن زوّجه ابنته . وقيل كان لها شعبتان وفي أسفلها سنان ولها محجن واسمها تبعة { أتوكأ } أي أتحامل { عليها } في المشي وأعتمدها عند الإعياء والوقوف على قطيع الغنم وعند الوثوب والنهوض للقيام ، ومنه الاتكاء .
{ وأهش بها على غنمي } هش بالعصا يهش هشا إذا خبط بها الشجر ليسقط منه الورق ، أي أضرب بها الشجر فيتساقط منه الورق على غنمي ؛ قاله عكرمة . وقد روي نحو هذا عن جماعة من السلف .
وقرأ النخعي أهس بالسين المهملة ، وهو زجر الغنم ، وكذا قرأ عكرمة ، وقيل هما لغتان بمعنى واحد ، ولما ذكر تفصيل منافع العصا عقبه بالإجمال فقال : { ولي فيها مآرب } أي حوائج { أخرى } قاله مجاهد وقتادة ، واحدها مأربة مثلث الراء ، كذا قال ابن الأعرابي وقطرب ، والقياس أخر ، وإنما قال أخرى ردا إلى الجماعة أو لنسق الأخرى ، ولما ذكر بعضها شكرا أجمل الباقي حياء من التطويل أو ليسأل عنها الملك العلام فيزيد في الإكرام ويتلذذ بالخطاب .
وقد تعرض قوم لتعداد منافع العصا فذكروا من ذلك أشياء ، منها قول العرب :
عصاي أركزها لصلاتي وأعدها لعداتي وأسوق بها دابتي وأقوى بها على سفري وأعتمد عليها في مشيتي ليتسع خطوي ، وأثب بها النهر وتؤمنني العثر وألقي عليها كسائي فتقيني الحر وتدفيني من القر وتدني إلى ما بعد مني ، وهي تحمل سفرتي وعلاقة أدواتي ، أعصي{[1186]} بها عند الضراب وأقرع بها الأبواب وأقي بها عقور الكلاب ، وتنوب عن الرمح في الطعان وعن السيف عند منازلة الأقران ورثتها عن أبي وأورثها بعدي بني . أ ه .
وقال الشوكاني : قد وقفت على مصنف في مجلد لطيف في منافع العصا لبعض المتأخرين . وذكر فيه أخبارا وأشعارا وفوائد لطيفة ونكتا رشيقة ، وقد جمع الله سبحانه لموسى في عصاه من البراهين العظام والآيات الجسام ما أمن به من كيد السحرة ومعرة المعاندين ، واتخذها سليمان لخطبته وموعظته وطول صلاته ، وكان ابن مسعود صاحب عصاة النبي صلى الله عليه وسلم وعنزته ؛ وكان يخطب بالقضيب وكذلك الخلفاء من بعده ، وكان عادة العرب العرباء أخذ العصا والاعتماد عليها عند الكلام وفي المحافل والخطب .
وقاتل بعضهم : إمساك العصا سنة الأنبياء وزينة الصلحاء وسلاح على الأعداء وعون الضعفاء وغم المنافقين وزيادة في الطاعات .
ويقال إذا كان مع المؤمن العصا يهرب منه الشيطان ويخشع منه المنافق والفاجر وتكون قبلته إذا صلى وقوته إذا أعيا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.